المعين هو الماء الجاري. و يرى البعض أنّ «المعين» مشتق من «العين» أي نبع
الماء الظاهر الذي يمكن مشاهدته بالعين المجرّدة [1].
و في هذا إشارة مجملة إلى المكان الآمن الوارف البركات و الخيرات، الذي منّ
اللّه عزّ و جلّ به على هذه الامّ و ابنها و جعلهما في أمان من شرّ الأعداء،
يؤدّيان واجباتهما باطمئنان.
و اختلف المفسّرون في هذا المكان، فبعض يرى أنّ مولد السيّد المسيح عليه
السّلام كان في «الناصرة» (من مدن الشام). و قد جعله اللّه و أمّه في مكان آمن ذي
خيرات، و حافظ عليه من شرّ الأعداء الذين أرادوا أن يكيدوا بعد علمهم بولادته و
مستقبله.
و يرى آخرون أنّ هذا المكان الآمن هو «مصر»، لأنّ مريم عليها السّلام و ابنها
السيّد المسيح عليه السّلام عاشا فترة من حياتهما في مصر طلبا للنجاة من شرّ
الأعداء.
و قال غيرهم: إنّ المسيح عليه السّلام ولد في «دمشق»، و ذهب سواهم إلى أنّه في
«الرملة» في الشمال الشرقي من القدس، حيث عاش المسيح و امّه عليهما السّلام في كلّ
من هذه المناطق فترة من حياتهما. و يحتمل أن يكون مولد السيّد المسيح عليه السّلام
في صحراء القدس، و قد جعله اللّه أمنا لهذه الامّ و الوليد، و فجرّ لهما ماء معينا
و رزقهم من النخل الجافّ رطبا جليّا.
و على كلّ حال، فقد كانت الآية دليلا على حماية اللّه تعالى الدائمة لرسله و
لمن يدافع عنهم. و تأكيدا على أنّ إرادة اللّه هي الأقوى، فلو أراد الملأ كلّهم
قتل رسوله دون إذنه لما تمكّنوا. فالوحدة و قلّة الأنصار و الأتباع لا تكون سببا
لهزيمتهم إطلاقا.
[1]- في الحالة الأولى تكون الميم
جزءا من الكلمة، و هي على وزن «فعيل»، و في الثّانية الميم زائدة و هي على وزن
مفعول «مثل مبيع».