و على أي حال، فإنّ اللّه هو المالك الحقيقي، فهو إذن الحاكم الحقيقي، و تعمّ
حكومته على المؤمنين و الكافرين على السواء، و نتيجة ذلك كما يقول القرآن المجيد: فَالَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي
جَنَّاتِ النَّعِيمِ الجنّات التّي تتوفّر فيها
جميع المواهب و كلّ الخيرات و البركات.
و يضيف القرآن الكريم وَ
الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ ما أجمل هذا التعبير! عذاب يذلّ الكفرة و الذين كذّبوا
بآيات اللّه، أولئك الذين عاندوا اللّه و استكبروا على خلقه يهينهم اللّه. و قد
وصف القرآن العذاب ب «الأليم» و «العظيم» و «المهين» في آيات مختلفة، ليلائم كلّ
واحد منه الذنب الذي اقترفه المعاندون!.
و ممّا يلفت النظر أنّ القرآن المجيد أشار في حديثه عن المؤمنين إلى أمرين
«الإيمان» و «العمل الصالح»، و في المقابل أشار في حديثه عن الكافرين إلى «الكفر»
و «التكذيب بآيات اللّه»، و هذا يعني أنّ كلّ منهما متركّب من إعتقاد داخلي و أثر
خارجي يبرز في عمل الإنسان، حيث إنّ لكلّ عمل إنساني أساسا فكريا.
و بما أنّ الآيات السابقة تناولت المهاجرين من الذين طردوا من ديارهم و سلبت
أموالهم، لأنّهم قالوا: ربّنا اللّه، و دافعوا عن شريعته، فقد اعتبرتهم الآية
التالية مجموعة ممتازة جديرة بالرزق الحسن و قالت: وَ الَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا
أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً وَ إِنَّ اللَّهَ لَهُوَ
خَيْرُ الرَّازِقِينَ.
قال بعض المفسّرين: إنّ «الرزق الحسن» هو النعم التي تشدّ نظر الإنسان إليها
عند مشاهدته لها فلا يدير طرفه عنها، و إنّ اللّه وحده هو القادر على أن يمنّ