رسلها أيضا، و أضافت: وَ قَوْمُ
إِبْراهِيمَ وَ قَوْمُ لُوطٍ.
و كذلك كذّب أهالي مدينة «مدين» نبيّهم «شعيب»، و كذّب فرعون و قومه نبيّهم
«موسى» وَ أَصْحابُ مَدْيَنَ وَ كُذِّبَ مُوسى.
و إنّ هذه المعارضة و التكذيب لن تؤثّر في روحك الطاهرة و نفسك المطمئنة،
مثلما لم تؤثّر في أنبياء كبار قبلك و لم تعق مسيرتهم التوحيديّة و دعوتهم إلى
الحقّ و العدل قطّ.
إلّا أنّ هؤلاء الكفرة الأغبياء يتصوّرون إمكانية مواصلة هذه الأساليب
المخزية. فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ
أَخَذْتُهُمْ أجل، أمهل اللّه الكافرين ليؤدّوا امتحانهم و
ليتمّ الحجّة عليهم فأغرقهم بنعمته، ثمّ حاسبهم حسابا عسيرا. فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ[1] و رأيت كيف أنكرت عليهم أعمالهم، و بيّنت لهم
أعمالهم القبيحة، لقد سلبت منهم نعمتي و جعلتهم على أسوأ حال ... سلبتهم سعادتهم
الدنيوية و عوّضتهم بالموت.
آخر الآية موضع البحث يبيّن اللّه تعالى كيفيّة عقاب الكفّار بجملة موجزة ذات
دلالة واسعة فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها
وَ هِيَ ظالِمَةٌ و أضافت الآية أنّ سقف بيوتها قد باتت أسفل
البناء: فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها.
أي إنّ الواقعة كانت شديدة حتّى أنّ السقوف انهارت أوّلا ثمّ الجدران على
السقوف وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ فما أكثر الآبار الرويّة بمياهها العذبة، و لكنّها غارت في
الأرض بعد هلاك أصحابها فأصبحت معطّلة لا نفع فيها.
وَ قَصْرٍ مَشِيدٍ[2] أجل ما أكثر القصور المشيدة التي ارتفعت شاهقة و زينت،
[2]- «المشيد» مشتقّة من «شيد» على
وزن «عيد» ذات معنيين: أوّلهما الارتفاع، و الثّاني الجصّ، فتعني لفظة «قصر مشيد»
القصر المرتفع.
و المعنى الثّاني القصر الذي بني على أسس ثابتة قويّة ليصان من حوادث الزمان،
و بما أنّ معظم منازل ذلك العصر تبنى من اللبن، فإنّ المنزل الذي يبنى بالجصّ يكون
أقوى من هذه البيوت و يكون متميّزا عنها.