هناك اختلاف بين المفسّرين في كونها أوّل آية نزلت بالجهاد، فهناك من يؤيّد
ذلك، و هناك من يرى أنّ أوّل آية نزلت في الجهاد هي آية قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ
..[2] و عدّ
البعض آية إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ ...[3] هي الأولى [4].
إلّا أنّ أسلوب الآية يناسب هذا الموضوع بشكل أفضل لأنّ تعبير «أذن» جاء
بصراحة واضحة فيها، و لم يرد في الآيتين الأخريين، و بتعبير آخر: إنّ الإذن
بالجهاد منحصر في هذه الآية.
و لمّا وعد اللّه المؤمنين بالدفاع عنهم في الآية السابقة يتّضح جيدا الارتباط
بين هذه الآيات .. تقول الآية: إنّ اللّه تعالى أذن لمن يتعرّض لقتال الأعداء و
عدوانهم بالجهاد، و ذلك بسبب أنّهم ظلموا:
أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ثمّ أردفت بنصرة اللّه القادر للمؤمنين وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ.
إنّ وعد اللّه بالنصر جاء مقرونا ب «قدرة اللّه». و هذا قد يكون إشارة إلى
القدرة الإلهيّة التي تنجد الناس حينما ينهضون بأنفسهم للدفاع عن الإسلام، لا أن
يجلسوا في بيوتهم بأمل مساعدة اللّه تعالى لهم، أو بتعبير آخر: عليكم بالجدّ و
العمل بكلّ ما تستطيعون من قدرة، و عند ما تستحقّون النصر بإخلاصكم ينجدكم اللّه و
ينصركم على أعدائه، و هذا ما حدث للرسول صلى اللّه عليه و آله و سلّم في جميع
حروبه التي كانت تتكلّل بالنصر.
ثمّ توضّح هذه الآيات للمظلومين- الذين أذن لهم بالدفاع عن
[1]- تفسير مجمع البيان، و تفسير
الفخر الرازي للآية موضع البحث.