فقتلوا بحسب ترتيبهم «الوليد بن عتبة» و «عتبة بن ربيعة» و «شيبة بن ربيعة»
فنزلت هذه الآية لتبيّن مصير الذين اشتركوا في هذه المبارزة.
كما روي أنّ أبا ذر أقسم بأنّ هذه الآية نزلت بحقّ هؤلاء الرجال [1]، إلّا أنّنا
نكرّر قولنا ثانية بأنّ سبب النّزول الخاصّ بشخص أو جماعة معيّنة لا يمنع أن يكون
مضمون الآية عامّا يشمل الجميع.
التّفسير
خصمان متقابلان!
أشارت الآية السابقة إلى المؤمنين و طوائف مختلفة من الكفّار، و حدّدتهم بستّ
فئات. أمّا هنا فتقول: هذانِ خَصْمانِ
اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ[2] أي أنّ الخصام بين مجموعتين، هما: طوائف الكفّار الخمس من
جهة، و المؤمنون الحقيقيّون من جهة أخرى. و إذا تفحصنا الأمر وجدنا أساس الخلاف
بين الأديان في ذات اللّه تعالى و صفاته، و هو يمتدّ إلى الخلاف في النبوّة و
المعاد. لهذا لا ضرورة إلى القول بأنّ الناس مختلفين في دين اللّه. إذ أنّ أساس
الخلاف و جذوره يعود إلى الخلاف في توحيده تعالى فقط. فجميع الأديان قد حرّفت، و
الباطل منها قد اختلط بنوع من الشرك، و بدت دلائله في جميع اعتقادات أصحاب هذه
الأديان.
ثمّ تبيّن الآية أربعة أنواع من عقاب الكافرين المنكرين للّه تعالى بوعي منهم،
و العقاب الأوّل حول لباسهم، فتقول الآية:
فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ و يمكن أن تكون هذه العبارة إشارة إلى لباسهم الذي أعدّ لهم من قطع من نار،
أو كناية عن إحاطة نار جهنّم بهم من كلّ جانب.
[1]- ذكر ذلك الطبرسي في «مجمع
البيان» و الفخر الرازي في «التّفسير الكبير» و الألوسي في «روح المعاني» و
السيوطي في «أسباب النّزول» و القرطبي في تفسيره.
[2]- كلمة «خصمان» مثنّى أمّا فعلها
«اختصموا» فجاء بصيغة جمع، و السبب يكمن في أنّ هذين ليسا شخصين، بل فئتين، إضافة
إلى كون الفئتين ليس في صفّين و إنّما في صفوف مختلفة، و تنهض كلّ مجموعة لمبارزة
الآخرين.