«إدريس»- نبي اللّه العظيم- و كما
تقدّم- هو جدّ والد نوح عليه السّلام وفقا لما رواه أغلب المفسّرين، و اسمه في
التوراة (أخنوخ) و في العربية (إدريس) و يرى بعضهم أنّ إدريس مشتق من مادّة الدرس،
لأنّه كان أوّل من كتب بالقلم، و كان ذا إحاطة بعلم الفلك و النجوم و الحساب و
الهيأة بالإضافة إلى كونه نبيّا .. و يقال أنّه أوّل من علّم الناس خياطة الثياب.
و أمّا «ذو الكفل»، فالمشهور أنّه كان من الأنبياء [1]، و إن كان بعضهم يعتقد أنّه كان من الصالحين.
و ظاهر آيات القرآن التي ذكرته في عداد الأنبياء يؤيّد أنّه من الأنبياء، و أغلب
الظنّ أنّه كان من أنبياء بني إسرائيل [2].
و هناك احتمالات عديدة في سبب تسميته بهذا الاسم، مع ملاحظة أنّ كلمة «كفل»
جاءت بمعنى النصيب، و كذلك بمعنى الكفالة و الضمان و التعهّد.
فقال بعضهم: إنّ اللّه سبحانه لمّا غمره بنصيب وافر من ثوابه و رحمته في مقابل
الأعمال و العبادات الكثيرة التي كان يؤدّيها سمّي ذا الكفل، أي صاحب الحظّ
الأوفى.
و قال آخرون: إنّه لمّا تعهّد بأن يحيي الليل في العبادة و يصوم النهار، و أن
لا يغضب عند الحكم، و أن يفي بوعده أبدا، لذلك سمّي بذي الكفل.
و يعتقد بعضهم- أيضا- أنّ «ذا الكفل» لقب «إلياس»، كما أنّ إسرائيل لقب يعقوب،
و المسيح لقب عيسى، و ذا النون لقب يونس [3]. على نبيّنا و آله و عليهم الصلاة و السلام ...
[1]- التّفسير الكبير للفخر الرازي،
ذيل الآية مورد البحث.
[3]- تفسير الفخر الرازي، ذيل الآية
مورد البحث، و نقرأ في التأريخ الكامل: إنّ الكفل كان أحد أولاد أيّوب، و كان اسمه
الأصلي (بشر) و كان يعيش في أرض الشام. الكامل لابن الأثير، ج 1، ص 136.