و الخلاصة: فإنّ من وجهة نظر و إعتقاد إنسان موحّد يعبد اللّه، لا يوجد شيء
صعب و مستحيل أمام قدرة اللّه سبحانه، فهو قادر على كلّ شيء، و عالم بكلّ شيء.
لقد كتبت حول هذه الفترة من حياة سليمان- كالفترات الأخرى من حياته العجيبة-
أساطير كاذبة أو مشكوكة كثيرة لا نقبلها مطلقا، فنحن نكتفي بهذا المقدار الذي
بيّنه القرآن هنا.
و يلزم ذكر هذه اللطيفة أيضا، و هي أنّ بعض الكتّاب المتأخرين يعتقدون بأنّ
القرآن ليس فيه شيء صريح عن حركة سليمان و البساط، بل أورد الكلام عن تسخير
الرياح لسليمان فقط، فربّما كان ذلك إشارة إلى استغلال سليمان لقوّة الهواء في
المسائل المرتبطة بالزراعة، و تلقيح النباتات، و تنقية الحنطة و الشعير، و حركة
السفن، خاصّة و أنّ أرض سليمان (الشام) كانت أرضا زراعية من جهة، و من جهة أخرى.
فإنّ جانبا مهمّا منها كان على سواحل البحر الأبيض المتوسط، و كان ينتفع منها في
حركة الملاحة [1].
إلّا أنّ هذا التّفسير لا يتناسب كثيرا و آيات سورة سبأ و سورة ص و بعض
الرّوايات الواردة في هذا الباب.
ثمّ تذكر الآية التالية أحد المواهب الخاصّة بسليمان عليه السّلام فتقول: وَ مِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ لاستخراج الجواهر و الأشياء الثمينة الأخرى وَ يَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذلِكَ وَ كُنَّا لَهُمْ
حافِظِينَ من التمرّد و الطغيان على أوامر سليمان عليه
السّلام.
إنّ ما ورد في الآية آنفة الذكر باسم «الشياطين»، جاء في آيات سورة «سبأ» باسم
الجن- الآية (12 و 13) من سورة سبأ- و من الواضح أنّ هذين اللفظين