بينّاه آنفا بتفصيل. و كما أشار القرآن إليه، فإنّ الطريق الذي اختاره سليمان
عليه السّلام كان أقرب من الناحية التنفيذيّة، و جملة وَ كُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَ عِلْماً و التي ستأتي في الآية التالية، شاهدة على صحّة كلا
القضاءين.
و نقول في جواب السؤال الثّالث: لا يبعد أن يكون الأمر على هيئة تشاور، و هو
التشاور الذي يحتمل أن يكون لتعليم سليمان و تأهيله في أمر القضاء، و التعبير ب
(حكمهم) شاهد أيضا على وحدة الحكم النهائي، بالرغم من وجود حكمين مختلفين في
البداية. (فتأمّلوا بدقّة).
و نقرأ
في رواية عن الإمام الباقر عليه السّلام في تفسير هذه الآية أنّه قال: «لم يحكما، إنّما كانا يتناظران» [1].
و يستفاد من رواية أخرى رويت في أصول الكافي عن الإمام الصادق عليه السّلام
أنّ هذه القضيّة حدثت لتعيين وصيّ داود و خليفته و أن يتعلّم أولئك النفر منهما
أيضا [2].
و على كلّ حال، فإنّ الآية التالية تؤيّد حكم سليمان في هذه القصّة على هذه
الشاكلة: فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ و لكن هذا لا يعني أنّ حكم داود كان اشتباها و خطأ، لأنّها
تضيف مباشرة وَ كُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَ عِلْماً.
ثمّ تشير إلى إحدى المواهب و الفضائل التي كان اللّه سبحانه قد وهبها لداود
عليه السّلام، فتقول: وَ سَخَّرْنا مَعَ
داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَ الطَّيْرَ فإنّ
ذلك ليس شيئا مهمّا أمام قدرتنا وَ كُنَّا
فاعِلِينَ.
[1]- من لا يحضره الفقيه، طبقا لنقل تفسير
نور الثقلين، الجزء 3، ص 443.
[2]- لمزيد الاطّلاع راجع تفسير
الصافي ذيل الآية مورد البحث.