قبل، و هو
أنّ اللّه الذي أعطى كلّ موجود حاجته ثمّ هداه، مطّلع على حال كلّ أحد، و كلّ
شيء.
و لمّا كان
جانب من حديث موسى عليه السّلام حول مسألة التوحيد و معرفة اللّه، فإنّه يبيّن هنا
فصلا آخر في هذا المجال، فيقول: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ
مَهْداً وَ سَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً
فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى. و في مجموع
هذه الآية إشارة إلى أربعة أنواع من نعم اللّه الكبرى.
1- الأرض
التي هي مهد استقرار الإنسان و مهاده، و يستطيع الإنسان العيش عليها براحة و أمان
ببركة قانون الجاذبية، و كذلك الطبقة الغازية العظيمة التي تحيط بالأرض.
2- الطرق و
السبل التي أوجدها اللّه في الأرض، و التي تربط جميع مناطقها بعضها بالبعض الآخر،
كما رأينا غالبا وجود طرق و وديان بين سلسلة الجبال التي تناطح السّماء يستطيع
الإنسان أن يمرّ من خلالها و يصل إلى مقصده.
3- الماء
الذي هو أساس الحياة، و مصدر كلّ البركات، و الذي أنزل من السّماء 4- الأعشاب و
النباتات المختلفة التي تخرج من الأرض بفعل هذا الماء، و يشكل قسم منها المواد
الغذائية للإنسان، و قسم يستفيد منه الإنسان في صنع الأدوية، و قسم آخر يصنع
ملابسه، و قسم آخر لوسائل الحياة كالأبواب، و حتّى البيوت التي تبنى من الخشب، و
السفن، و كثير من وسائط النقل الأخرى، بل يمكن القول: إنّ هذه النعم الأربع الكبرى
تشكل حسب الترتيب الذي ورد في الآية أولويّات حياة الإنسان، فقبل كلّ شيء يحتاج
الإنسان إلى محلّ سكن و هدوء، و بعده إلى طرق المواصلات، ثمّ الماء، ثمّ المحاصيل
الزراعية.
ثمّ أشار إلى
خامس النعم و آخرها من سلسلة النعم الإلهيّة هذه، فقال: كُلُوا
وَ ارْعَوْا أَنْعامَكُمْ، و هو إشارة إلى ثرواتكم و منتوجاتكم
الحيوانيّة، و التي تشكّل