و استعملت أحيانا في خصوص روح الإنسان كما في أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ[1].
و من الواضح أنّ المراد من النفس في الآيات التي نبحثها هو المعنى الثّاني، و
بناء على هذا فإنّ المراد هو بيان قانون الموت العام في حقّ البشر، و بذلك لا يبقى
مجال للإشكال على الآية بأنّ التعبير بالنفس يشمل اللّه أو الملائكة أيضا فكيف
نخصّص الآية و نخرج اللّه و الملائكة منها؟ [2].
و بعد ذكر قانون الموت الكلّي يطرح هذا السؤال، و هو: ما هو الهدف من هذه
الحياة الزائلة؟ و أي فائدة منها؟
فيقول القرآن حول هذا الكلام: وَ
نَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَيْرِ فِتْنَةً وَ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ أي إنّ مكانكم الأصلي ليس هو هذه الدنيا، بل هو مكان آخر،
و إنّما تأتون هنا لتؤدّوا الاختبار و «الامتحان»، و بعد اكتسابكم التكامل اللازم
سترجعون إلى مكانكم الأصلي و هو الدار الآخرة.
و ممّا يسترعي النظر أنّ «الشرّ» مقدّم على «الخير» من بين المواد الامتحانية،
و ينبغي أن يكون كذلك، لأنّ الامتحان الإلهي و إن كان تارة بالنعمة و أخرى
بالبلاء، إلّا أنّ من المسلّم أنّ الامتحان بالبلاء أشدّ و أصعب.
و أمّا «الشرّ» فإنّه لا يعني مطلق الشرّ، لأنّ الفرض أنّ هذا الشرّ عبارة عن
وسيلة للاختبار و التكامل، و بناء على هذا فإنّ المراد هو الشرّ النسبي، و أساسا
لا يوجد شرّ مطلق في مجموع عالم الوجود بالنظرة التوحيديّة الصحيحة! و لذلك نقرأ
في حديث أنّ أمير المؤمنين عليا عليه السّلام مرض
يوما فجاء جمع من أصحابه لعيادته، فقالوا: كيف نجدك يا أمير المؤمنين؟ قال:
«بشرّ»! قالوا: ما هذا كلام مثلك؟! قال: «إنّ اللّه تعالى يقول: و نبلوكم بالشرّ و
الخير فتنة، فالخير الصحّة و الغنى، و الشرّ المرض و الفقر».