المذكورين هنا في شأن السماوات و الأرض؟ و يبدو أنّ الأقرب من بينها ثلاثة
تفاسير، و يحتمل أن تكون جميعا داخلة في مفهوم الآية [1].
1- إنّ رتق السّماء و الأرض إشارة إلى بداية الخلقة، حيث يرى العلماء أنّ كلّ
هذا العالم كان كتلة واحدة عظيمة من البخار المحترق، و تجزّأ تدريجيّا نتيجة
الإنفجارات الداخلية و الحركة، فتولّدت الكواكب و النجوم، و من جملتها المنظومة
الشمسية و الكرة الأرضية، و لا يزال العالم في توسّع دائب.
2- المراد من الرتق هو كون مواد العالم متّحدة، بحيث تداخلت فيما بينها و كانت
تبدو و كأنّها مادّة واحدة، إلّا أنّها انفصلت عن بعضها بمرور الزمان، فأوجدت
تركيبات جديدة، و ظهرت أنواع مختلفة من النباتات و الحيوانات و الموجودات الأخرى
في السّماء و الأرض، موجودات كلّ منها نظام خاص و آثار و خواص تختص بها، و كلّ
منها آية على عظمة اللّه و علمه و قدرته غير المتناهية [2].
3- إنّ المراد من رتق السّماء هو أنّها لم تكن تمطر في البداية، و المراد من
رتق الأرض أنّها لم تكن تنبت النبات في ذلك الزمان، إلّا أنّ اللّه سبحانه فتق
الإثنين، فأنزل من السّماء المطر، و أخرج من الأرض أنواع النباتات. و الرّوايات
المتعدّدة الواردة عن طرق أهل البيت عليهم السّلام تشير إلى المعنى الأخير، و
بعضها يشير إلى التّفسير الأوّل [3].
لا شكّ أنّ التّفسير الأخير شيء يمكن رؤيته بالعين، و كيف أنّ المطر ينزل من
السّماء، و كيف تنفتق الأرض و تنمو النباتات، و هو يناسب تماما قوله تعالى: أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا و كذلك ينسجم و قوله تعالى: وَ
جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ.
[1]- الفخر الرازي، في التّفسير
الكبير، و بعض المفسّرين الآخرين.