هذه الآلهة، فكيف يتقبّل إنسان عاقل مطلبا لا دليل عليه؟
ثمّ تشير إلى الدليل الأخير فتقول: هذا
ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَ ذِكْرُ مَنْ قَبْلِي و هذا هو الدليل الذي ذكره علماء العقائد تحت عنوان (إجماع و اتّفاق الأنبياء
على التوحيد).
و لمّا كانت كثرة المشركين (و خاصّة في ظرف حياة المسلمين في مكّة، و التي
نزلت فيها هذه السورة) مانعا أحيانا من قبول التوحيد من قبل بعض الأفراد، فهي
تضيف: بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ
الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ.
لقد كانت مخالفة الأكثرية الجاهلة في كثير من المجتمعات دليل و حجّة لإعراض
الغافلين الجاهلين دائما، و قد انتقد القرآن الاستناد إلى هذه الأكثرية بشدّة في
كثير من الآيات، سواء التي نزلت في مكّة أو المدينة، و لم يعرها أيّة أهميّة، بل
اعتبر المعيار هو الدليل و المنطق.
و لمّا كان من المحتمل أن يقول بعض الجهلة الغافلين أنّ لدينا أنبياء كعيسى
مثلا دعوا إلى آلهة متعدّدة، فإنّ القرآن الكريم يقول في آخر آية من الآيات محلّ
البحث بصراحة تامّة: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ
قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا
فَاعْبُدُونِ و بهذا يثبت أنّه لا عيسى و لا غيره قد دعا
إلى الشرك، و مثل هذه النسبة إليه تهمة و افتراء.