و يرغب في أن يدرك حقيقتها، و حتى إذا علم و آمن بأنّ هذا العمل الذي تمّ كان
صحيحا، فإنّه يريد أن يعلم النقطة الأصليّة و الهدف الحقيقي منه، و مثل هذا السؤال
جائز حتّى حول أفعال اللّه، بل إنّ هذا السؤال يعتبر أساس و مصدر الفحص و التحقيق
في عالم المخلقة و المسائل العلميّة، و قد كان لأصحاب النّبي و الأئمّة كثير من
هذه الأسئلة سواء فيما يتعلّق بعالم التكوين أو التشريع.
أمّا النوع الثّاني: فهو السؤال الاعتراضي، و الذي يعني أنّ العمل الذي تمّ
كان خطأ، كأن ينقض إنسان عهده بلا سبب، فنقول: لماذا نقضت عهدك؟ فليس الهدف طلب
التوضيح، بل الهدف الاعتراض و التخطئة.
من المسلّم أنّ هذا النوع من السؤال لا معنى له حول أفعال اللّه الحكيم، و إذا
ما اعترض أحد أحيانا فلجهله، إلّا أنّ مجال هذا السؤال حول أفعال الآخرين واسع.
و
في حديث عن الإمام الباقر عليه السّلام في جواب سؤال جابر الجعفري عن هذه
الآية أنّه قال: «لأنّه لا يفعل إلّا ما كان حكمة و صوابا» [1].
و يمكن أن تستخلص نتيجة من هذا الكلام، و هي: إنّ أحدا إذا سأل سؤالا من النوع
الثّاني، فهو دليل على أنّه لم يعرف اللّه معرفة صحيحة لحدّ الآن، و هو جاهل بكونه
حكيما.
و تشتمل الآية التالية على دليلين آخرين في مجال نفي الشرك، فمضافا إلى الدليل
السابق يصبح مجموعها ثلاثة أدلّة.
تقول الآية أوّلا: أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ
دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ و هو
إشارة إلى أنّكم إذا صرفتم النظر عن الدليل السابق القائم على أنّ نظام عالم
الوجود دليل على التوحيد، فإنّه لا يوجد أي دليل- على الأقل- على إثبات الشرك و
الوهيّة
[1]- توحيد الصدوق، حسب نقل تفسير نور
الثقلين، الجزء 3، ص 419.