هو أساس حسابات هؤلاء العلماء- دقيقا و منسجما، بحيث إذا كان هناك شيء من عدم
الانسجام- و من الناحية الزمنيّة جزء من مائة من الثّانية- فستضطرب جميع حساباتهم؟
و نقول باختصار: إذا كانت هناك إرادتان أو عدّة إرادات حاكمة في العالم، فإنّ
لكلّ واحدة قضاء، و كانت الاخرى تمحو أثر الأولى، و سيؤول العالم إلى الفساد
عندئذ.
سؤال:
و هنا يثار سؤال يمكن استلهام جوابه من التوضيحات السابقة، و هو: إنّ تعدّد
الآلهة يكون منشأ للفساد عند ما يحارب أحدها الآخر، أمّا إذا اعتقدنا بأنّ هؤلاء
أفراد حكماء عالمون، فإنّهم يتعاونون فيما بينهم و يديرون العالم.
و جواب هذا السؤال لا لبس فيه: فإنّ كونهم حكماء لا يزيل تعدّدهم، فعند ما
نقول: إنّهم متعدّدون، فإنّ معناه إنّهم ليسوا متحدّين من جميع الجهات، لأنّهم إن
اتّحدوا من كلّ الجوانب أصبحوا إلها واحدا، و بناء على ذلك فأينما وجد التعدّد وجد
الاختلاف الذي يؤثّر في الإدارة و العمل شئنا أم أبينا، و هذا سيجرّ عالم الوجود
إلى الهرج و المرج.
و قد استند في بعض هذه الاستدلالات إلى أنّه لو كان هناك إرادتان حاكمتان على
الخلق، لما كان هناك عالم أصلا. في حين أنّ هذه الآية تتحدّث عن فساد العالم و
اختلال النظام، لا عن عدم وجود العالم.
و من اللطيف أن نقرأ في حديث يرويه هشام بن الحكم عن الإمام الصادق عليه
السّلام في جواب الرجل الملحد الذي كان يتحدّث عن تعدّد الآلهة، أنّه
قال: «لا يخلو قولك أنّهما اثنان من أن يكونا قويين أو يكونا ضعيفين، أو يكون
أحدهما قويّا و الآخر ضعيفا، فإن كانا قويّين فلم لا يدفع كلّ واحد منهما صاحبه