إضافة إلى أنّه إذا تقرّر أن يعاقب جميع المجرمين فورا، فسوف لا يبقى أحد حيّا
على وجه الأرض: وَ لَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ
بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ[1].
و بناء على هذا فيجب أن تكون هناك مهلة و فترة تعطى لكلّ المرتبطين بطريق
الحقّ حتّى يرجع المجرمون إلى أنفسهم و يسلكوا سبيل الصلاح، و لتكون كذلك فرصة
لتهذيب النفس.
إنّ التعبير ب (أجل مسمّى) بالشكل الذي يفهم من مجموع آيات القرآن، إشارة إلى
الزمان الحتمي لنهاية حياة الإنسان [2].
و على كلّ حال، فإنّ الظالمين الذين لا إيمان لهم و المجرمين يجب أن لا
يغترّوا بتأخير العذاب الإلهي، و أن لا يغفلوا عن هذه الحقيقة، و هي أنّ لطف اللّه
و سنّته في الحياة، و قانون التكامل هذا، هو الذي يفسح المجال لهؤلاء.
ثمّ يوجّه الخطاب إلى النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلم، فيقول: فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ و من أجل رفع معنويات النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلم و تقوية قلبه، و
تسلية خاطره، فإنّه يؤمر بمناجاة اللّه و الصلاة و التسبيح فيقول: وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ
قَبْلَ غُرُوبِها وَ مِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَ أَطْرافَ النَّهارِ
لَعَلَّكَ تَرْضى و لا يتأثّر قلبك جرّاء كلامهم المؤلم.
لا شكّ أنّ هذا الحمد و التسبيح محاربة للشرك و عبادة الأصنام، و في الوقت
نفسه صبر و تحمّل أمام أقوال المشركين السيّئة، و كلامهم الخشن. إلّا أنّ هناك
بحثا بين المفسّرين في أنّ المقصود من الحمد و التسبيح هل الحمد و التسبيح المطلق،
أم أنّه إشارة إلى خصوص الصلوات الخمس اليوميّة؟ فجماعة يعتقدون بأنّه يجب أن يبقى
ظاهر العبارات على معناه الواسع، و من ذلك يستفاد أنّ المراد هو التسبيح
[2]- لمزيد الإيضاح راجع البحث
المفصّل الذي ذكرناه في ذيل الآية (1 و 2) من سورة الأنعام. و نذكر في الضمن أنّ
جملة (أجل مسمّى) من ناحية التركيب النحوي عطف على (كلمة).