responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 10  صفحه : 106

إنّ هؤلاء يمرّون في مسيرهم و ذهابهم و إيّابهم على منازل قوم عاد- في أسفارهم إلى اليمن- و على مساكن ثمود المتهدّمة الخربة- في سفرهم إلى الشام- و على منازل قوم لوط التي جعل عاليها سافلها- في سفرهم إلى فلسطين- و يرون آثارهم، إلّا أنّهم لا يعتبرون، فإنّ الخرائب و الأطلال تتكلّم بلسان الحال و تخبر عن قصص السابقين و تحذّر أبناء اليوم و أبناء الغد و تعول صارخة أنّ هذه عاقبة الظلم و الكفر و الفساد.

نعم .. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى‌ [1].

إنّ موضوع أخذ العبرة من تأريخ الماضين من الأمور التي يؤكّد عليها القرآن و الأحاديث الإسلامية كثيرا، و هو حقّا معلم مذكّر منبّه، فما أكثر أولئك الأشخاص الذين لا يتأثّرون بأيّة موعظة، و لا يعتبرون بها، إلّا أنّ رؤية مشاهد من آثار الماضين المعبّرة تهزّهم، و كثيرا ما تغيّر مسير حياتهم.

و نقرأ

في حديث عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: «أغفل الناس من لم يتّعظ بتغيّر الدنيا من حال إلى حال» [2]

و لا يفكّر في تقلّب الليل و النهار و تعاقبهما.

الآية التالية في الحقيقة جواب عن سؤال يثار هنا، و هو: لماذا لا يجري اللّه سبحانه على هذا القسم من المجرمين ما أجراه على المجرمين السابقين، فيقول القرآن: وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَ أَجَلٌ مُسَمًّى‌.

إنّ هذه السنّة الإلهيّة التي ذكرت في مواضع عديدة من القرآن باسم (كلمة) إشارة إلى قانون الخلقة المبتني على حريّة البشر، لأنّ كلّ مجرم إذا عوقب مباشرة و بدون أن يمهل، فإنّ الإيمان و العمل الصالح سيتّصف بالجبر تقريبا، و سيكون على الأغلب خوفا من العقاب الآني، و بناء على هذا فسوف لا يكون وسيلة للتكامل الذي هو الهدف الأصلي.


[1]- «النهى» من مادّة نهي، و هي هنا بمعنى العقل، لأنّ العقل ينهي الإنسان عن القبائح و السيّئات.

[2]- سفينة البحار- مادّة عبر- الجزء 2 ص 146.

نام کتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 10  صفحه : 106
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست