إنّ أوّل
أوامر القرآن من أجل النفوذ إلى قلوب الناس- مهما كانوا ضالّين و منحطّين- هو
التعامل المناسب المقترن بالمحبّة و العواطف الإنسانية، أمّا التوسّل بالعنف فإنّه
يتعلّق بالمراحل التالية حينما لا يؤثّر التعامل برفق، فالهدف هو جذب الناس
ليتذكّروا، و ليبصروا طريقهم، أو أن يخافوا من العواقب المشؤومة للعمل السيء
لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى.
إنّ كلّ
عقيدة يجب أن تمتلك جاذبية، و لا تبعد الأفراد عنها بدون مبرّر، و قصص و وقائع
الأنبياء و أئمّة الدين عليهم السّلام تبيّن بوضوح أنّهم لم ينحرفوا عن هذا المنهج
و المسير أبدا طوال حياتهم.
نعم، من
الممكن أن لا تؤثّر أساليب المحبّة و اللطف في القلوب الداكنة عند بعض الناس، و
يكون الطريق مقتصرا على استعمال العنف في المكان المناسب، إلّا أنّه ليس قانونا
عامّا و أساسيّا للبدء في العمل، فإنّ المحبّة هي البداية و المسلك الأوّل، و هذا
هو الدرس الذي تذكره لنا الآية آنفة الذكر.
ممّا يلفت
النظر أنّنا نقرأ في بعض الرّوايات: إنّ موسى كان مأمورا بأن ينادي فرعون بأحسن
أسمائه، فربّما يؤثّر ذلك في قلبه المظلم.
3- هل يوحى
إلى غير الأنبياء؟
لا شكّ أنّ
للوحي في القرآن الكريم معاني مختلفة: فقد جاء أحيانا بمعنى الصوت الواطئ، أو
القول همسا. و هذا هو المعنى الأصلي لهذا اللفظ في اللغة العربية.
و جاء أحيانا
بمعنى الإشارة الرمزية إلى شيء ما، مثل:
فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ