ثم تذكر الآية مباشرة فلسفة هذه العبادة التربوية، في عبارة قليلة الألفاظ،
عميقة المحتوى، و تقول: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.
نعم، الصوم- كما سيأتي شرح ذلك- عامل فعّال لتربية روح التقوى في جميع
المجالات و الأبعاد.
لما كانت هذه العبادة مقرونة بمعاناة و صبر على ترك اللذائذ المادية، و خاصة
في فصل الصيف، فإن الآية طرحت موضوع الصوم بأساليب متنوعة لتهيّئ روح الإنسان
لقبول هذا الحكم.
تبتدئ الآية أولا بأسلوب خطابي و تقول: يا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا و هو نداء يفتح
شغاف القلب، و يرفع معنويات الإنسان، و يشحذ همته، و فيه لذة
قال عنها الإمام الصادق عليه السّلام: «لذّة
ما في النّداء- أي يا ايّها الّذين آمنوا- أزال تعب العبادة و العناء»
ثمّ تبيّن الآية أن الصوم فريضة كتبت أيضا على الأمم السابقة.
ثم تبيّن الآية فلسفة الصوم و ما يعود به على الإنسان من منافع، لتكون هذه
العبادة محبوبة ملتصقة بالنفس.
الآية التالية تتجه أيضا إلى التخفيف من تعب الصوم و تقول:
أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ فالفريضة لا تحتل إلّا مساحة صغيرة من أيّام السنة.
ثم تقول فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى
سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ،
فالمريض و المسافر معفوان من الصوم، و عليهما أن يقضيا صومهما في أيّام اخرى.
ثم تصدر الآية عفوا عن الطّاعنين في السنّ، و عن المرضى الذين لا يرجى شفاؤهم،
و ترفع عنهم فريضة الصوم ليدفعوا بدلها كفارة، فتقول: