منكري الإسلام ينسبون ما لا ينبغي نسبته إلى النّبي يعقوب، و القرآن يرد عليهم
بالقول: أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ
يَعْقُوبَ الْمَوْتُ؟! هذا الذي نسبوه إليه ليس
بصحيح، بل الذي حدث آنذاك إِذْ قالَ
لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي؟
أجل فإنّ يعقوب لم يوص أبناءه بشيء غير التوحيد و التسليم لربّ العالمين و
الذي هو الأساس لبرنامج الأنبياء.
من الآية يبدو أن قلقا ساور يعقوب لدن أن حضرته الوفاة بشأن مستقبل أبنائه، و
عبّر عن قلقه هذه متسائلا: ما
تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي؟ و إنما قال: ما تَعْبُدُونَ ... و لم
يقل «من تعبدون ...» لتلوث البيئة الاجتماعية آنذاك بالشرك و الوثنية، أي بعبادة
الأشياء من دون اللّه. فأراد يعقوب أن يفهم ما في قرارة نفوس أبنائه من ميول و
اتجاهات، و بعد أن استمع الجواب اطمأنت نفسه.
و يلفت النظر هنا أن إسماعيل لم يكن أبا ليعقوب و لا جدّه، بل عمّه، بينما
الآية استعملت كلمة «آباء»، و يتضح من ذلك أن كلمة «الأب» تطلق أيضا على «العم»
توسعا، و من هنا نقول بالنسبة لآزر، الذي ذكره القرآن باعتباره والد إبراهيم، أنه
لا يمنع أن يكون عمّ إبراهيم لا والده. (تأمل بدقّة).
آخر آية في بحثنا، تجيب على توهّم آخر من توهمات اليهود، فكثير من هؤلاء كانوا
يستندون إلى مفاخر الآباء و الأجداد و قرب منزلة أسلافهم من اللّه تعالى، فلا يرون
بأسا في انحرافهم هم ظانين أنهم ناجون بوسيلة أولئك الأسلاف.
يقول القرآن: تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما
كَسَبَتْ وَ لَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ.