أذهانهم، يطرح القرآن المعيار الأساس لدخول الجنّة على شكل قانون عام بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ
فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ. و من هنا
فالمشمولون بهذا القانون هم في ظلال رحمة اللّه وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ.
بعبارة موجزة: الجنّة و مرضاة اللّه و السعادة الخالدة ليست حكرا على طائفة
معينة، بل هي نصيب كل من يتوفر فيه شرطان:
الأوّل: التسليم التام للّه تعالى، أو الانصياع لأوامره سبحانه، و عدم التفريق
بين هذه الأوامر، أي عدم ترك ذلك القسم من الأوامر الذي لا ينسجم مع المصالح
الفردية الذاتية.
الثّاني: و هو ما يترتب على التسليم في المرحلة الاولى، من القيام بالأعمال
الصالحة و الإحسان في جميع المجالات.
و القرآن، بطرحه هذه الحقيقة، يرفض بشكل تام مسألة التعصب العنصري و يكسر طوق
احتكار فئة معينة للسعادة، و يضع ضمنيا معيار الفوز متمثلا بالإيمان، و العمل
الصالح.
بحوث
1- «الأماني» جمع «أمنية» و هي الرجاء الذي لا يتحقق للإنسان.
و الآية تطرح أمنية واحدة من أمنيات أهل الكتاب، و لكن هذه الأمنية- أي أمنية
احتكار الجنّة- هي مصدر أمان اخرى، و بعبارة اخرى: أمنيتهم لها فروع و امتدادات، و
لذلك عبر عنها القرآن بلفظ (أماني).
2- نسبت الآية الكريمة التسليم إلى (الوجه): بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ ...، و ذلك يعود إلى أن الإنسان حين يستسلم لشيء، فأوضح مظهر لهذا الاستسلام هو
أن يولي وجهه تجاه ذلك الشيء. و من المتحمل أيضا أن «الوجه» يعني في الآية