و يعظمون مكة و يرون الحج إليها و يحرمون الميتة و الدم و لحم الخنزير و
يحرمون من القرابات في النكاح ما يحرم المسلمون، و على هذا المذهب كان جماعة من
أعيان الدولة ببغداد منهم هلال بن المحسن الصّابي صاحب الديوان الإنشائي و صاحب
الرسائل المشهورة، و كان مع المسلمين و يعبد معهم و يزكي و يحرم المحرمات، و كان
النّاس يعجبون من موافقته للمسلمين و ليس على دينهم، و أصل دين هؤلاء فيما زعموا
أنهم يأخذون محاسن ديانات العالم و مذاهبهم و يخرجون من قبيح ما هم عليه قولا و
عملا، و لهذا سموا صابئة، أي خارجين، فقد خرجوا عن تقييدهم بجملة كل دين و تفصيله
إلّا ما رأوه فيه من الحق [1]».
من مجموع ما سبق يتبين أن الصابئين كانوا في الأصل أتباع أحد الأنبياء و إن
اختلف المحققون في تعيين نبيّهم. و تبين أيضا أن عدد هؤلاء قليل و هم في حالة
انقراض.