من إفرازات الإدمان على تلك المواد المخدّرة، وسيعيش النّدم الشّديد في تلك
الحال، و يتأسف على ما إقترفته يداه، ولكن أنىّ للتأسّف أن يحلّ المشكلة، و قد
اغلق عليه سبيل العودة، إلى الحريّة والكرامة كما هو الغالب.
فالوصايا الأخلاقية، للحثّ على العفّة والأمانة و الصّدق والرجولة، كلّها من
هذا القبيل، والمجتمع الذي تتفشى فيه الخطيئة والخيانة، كيف يعيش أفراده حالة
اللّذّة المعنويّة و السّعادة، في حركة الحياة والواقع الإجتماعي؟
فالناس الّذين ملأ البخل وجودهم، و يطلبون كلّ شيءٍ لنفعهم و لذّتهم
الشّخصية، لا تكون لديهم حصانةٌ أمام المشكلات، و سيكونون عرضةً للتّمزق و
التشرذم، لأدنى أزمةٍ على مستوى الحياة الدنيويّة، لأنّ الفرد في ذلك المجتمع يكون
وحيداً فريداً، و الصّمود أمام المشكلات، لمن يعيش الوحدة و الإنفراد، أمرٌ في
غاية الصّعوبة، ولكن إذا تفشّت روح التّعاون و السّخاء والرجولة في المجتمع،
فسينطلق الناس من موقع مساعدة بعضهم البعض، وعندما يقع أحد الناس في مأزقٍ،
فسيعينه الآخرون، فلا يشعر الفرد بالوحدة هناك، بل سيجد في نفسه عنصر المقاومة و
الصّمود أمام المشكلات والأزمات.
وهذا ما أشرنا إليه سابقاً بالتّفصيل، و بالإعتماد على الآيات القرآنيّة
الكريمة، بأنّ الاصول الأخلاقيّة عند تطبيقها، لها بُعدان و فائدتان: معنويّة و
ماديّة، و مع غضّ النّظر عن البُعد المعنوي، فالبُعد المادي فيها له شموليّةٌ
واسعةٌ، و يستحق معها التمسّك بكلّ الاصول الأخلاقيّة، كي نعمّر دنيانا ونجعل منها
جنّةً مليئةً باللّذة، ونتجنّب النّار المحرقة، المتولدة من الوقوع في وَحِلّ
المفاسد الأخلاقيّة.
و الآن نبحث في المذهب القائل: بأنّ الأخلاق الدينيّة على مستوى الممارسة و
التّطبيق، و الّتي تنشأ في الحقيقة من طاعة اللَّه تعالى خوفاً أو طمعاً. و هذه
الامور تُعتبر مضادّةً للأخلاق؟ [1].