تعتبره من كبار أعلامها، فقد قال في الفصل (51) من الجزء الخامس، الباب
الخامس:
(نَظَرُ الصّوفية إنّ أدب المريدين في
مقابل شيوخهم هو، أن يجلس المريد مقابل الشّيخ مسلوب الإختيار، فلا يتصرف في نفسه
وماله إلّابأمره ... و أفضلُ أدب المُريد أمام الشّيخ:
هو السّكوت و الخمود و الجمود، إلى أن يملي عليه شيخه، ما يراه له صلاحاً في
أعماله و أفعاله ... و كلّما رآى من شيخه خِلافاً، و عسُر عليه فَهمه، تذكّر حكاية
مُوسى و الخِضر عليهما السلام، فإنّ الخضر قد عمل أعمالًا أنكرها مُوسى، ولكن
عندما كشف له الخِضر أسرارها إنتبه مُوسى، وعليه فكلّما فعل الشّيخ، كان له عُذراً
بلسان العِلم و الحِكمة) [1].
و يقول العارف العّطار، في أحوال يوسف بن حسين الرّازي، عندما أمره ذو النّون
المَصري: (مرشده)، الخُروج من بلدِه والعودة إلى دياره، طلب يوسف منه برنامجاً
يعمل به، فقال له ذُو النّون: عليك بِنسيان ما قرأته، و امح كلّ ما كتبته، ليُزال
الحِجاب!.
ونقل عن أبي سعيد، قوله للمُريدين:
«رَأسُ هذا الأمرِ، كَبْسُ الَمحابِرِ
وَ خرَقُ الدَّفاتِر وَنِسيانِ العِلمِ»[2].
ونقل عن أحوال و حالات «أبو سعيد الكندي»، أنّه كان قد نزل في الخانقاه، و
إجتمع عنده جمعٌ من الدّراويش، وكان يطلب العلم سرّاً، وفي يوم من الأيّام سقطت من
جيبه محبرةٌ، فإنكشف سرّه: «و هو أنّه من هواة تحصيل العلم»، فقال له أحد
الصّوفيين: (استر عليك عَورتك) [3].
ولا شك فإنّ الجو الحاكم هناك، كان نتيجةً لتعاليم مرشدهم في هذا الأمر، ولكنّ
الحقيقة أنّ الاسلام قد أكّد على خلاف هذا المسلك، ففي الحديث الوارد عن الصّادق
عليه السلام، عن الرّسول الأكرم صلى الله عليه و آله، أنّه قال: «وُزِّنَ مِدادُ العُلَماءِ بِدِماءِ الشُّهدَاءِ،
فَرُجّحَ مِدادُ العُلَماءُ عَلى دِماءِ الشُّهَدَاءِ»[4].