وَ وَرد نفسُ هذا المعنى، مع بعض الإختلاف في كلمات أميرالمؤمنين عليه السلام،
في الخُطبة (176) من نهج البلاغة.
و نقرأ في تعبيرٍ آخر ورد عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام، أنّه قال: «قَلْبُ الأَحْمَقِ في فَمِهِ، وَفَمُ الحَكِيمِ فِي
قَلْبِهِ»[2].
فَمن البَديهي، أنّ المراد من القلب هُنا هو العقل والفكر، وَ وُجود اللّسان
في موقع الأمام أو الخلف، هو كنايةٌ عن التدبّر والتفكّر في محتوى الكلمات و
الألفاظ، قبل النّطق بها، و بالفِعل كم يكون جميلًا، لو أنّنا حسبنا لكلامنا
حسابه، و فكّرنا في كلّ كلمةٍ نريد أن نقولها، و الدّوافع و النّتائج التي ستعقبها،
و هل أنّها من اللّغو أو ممّا يفضي إلى إيذاء مؤمنٍ، أو إلى تأييد ظالم وأمثال
ذلك، أو أنّها تنطلق من موقع الدّوافع الإلهيّة، و لغرض حماية المظلوم، و في طريقٌ
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، و كسب مَرضاة اللَّه تعالى؟!.
ونَختم هذا الكلام، بحديثٍ جامعٍ لجميع الموارد المذكورة آنفاً، يمنح قلب
الإنسان نوراً و صفاءً، و قد ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال:
هذه هي خلاصة دور اللّسان في تهذيب النّفس، وطهارة الأخلاق و الاصول الكلّية
لحفظ اللّسان، و بالطّبع سوف نقدم شرحاً وافياً، لتفاصيل أهمّ الإنحرافات و
الذّنوب اللّسانيّة، كالغيبة و التّهمة والكَذب والَنميمة ونشر الأكاذيب و إشاعة
الفحشاء، وذلك في المجلّد الثاني من الكتاب، إن شاء اللَّه تعالى، بعد الإنتهاء من
بيان الاصول الكلّية لِلقيم الأخلاقيّة.