responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاخلاق فى القرآن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 206

يقول البعض: إنّ التّوبة يجب أن تكون شاملةً لكلّ الذّنوب، لأنّ المسألة تعود إلى عِصيان الباري تعالى، وَهَتك حُرمته، فالنّادم يجب أن يترك كلّ الذّنوب، لا أنّ يُصِرّ عليها.

لكن هذا الكلام مُجانب للصواب، حيث يمكن القول بصحّة التّجزئة في عمليّة التّوبة، (و صرّح بها بعض العلماء، مثل المرحوم النّراقي في «معراج السعادة»، و قد نقلها عن أبيه رحمه الله)، لأنّه ربّما يكون الإنسان، على إطّلاعٍ كاملٍ على آثار بعض الذّنوب وَ عَواقبها السّيئة، أو هو عند اللَّه أشدّ وأقبح، ولأجل ذلك فإنّه يتركه على مستوى الممارسة و يتوب منه، أمّا بالنّسبة للذنوب التي هي أقلّ قُبحاً، أو أقل عِقاباً، أو لأنّ علمه بها و إطلاعه على ما يترتب عليها من المفاسد، ليس كافياً بالدّرجة التي تردعه عنه، فإنّه يستمر في ممارستها.

فأكثر التائبين هم كذلك، فغالباً ما يقلعون عن بعض الذّنوب، و يبقون على البَعض، ولم يردنا شي‌ءٌ من قبل الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله، أو الأئمّة الأطهار عليهم السلام، أو علماء الإسلام، ينفي قبول مثل هذه التوبة، ويؤكّد على التوبة الكاملة الشاملة لكلّ الذنوب التي يرتكبها الإنسان.

و نرى في الآيات الشّريفة، إشارات واضحة على معنى التّجزئة في التّوبة، و صحّة القول بالتّفكيك، فمثلًا بالنّسبة للمُرابين، يقول تعالى‌: «وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ» [1].

و بالنّسبة للمرتدين بعد الإيمان، يقول تعالى‌: «أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ... إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» [2].

و بالنّسبة للمحاربين والمتسببّين في ضَلال الناس و المجتمع، فبعد ذكر ما يستحقون من العِقاب الشّديد، يقول تعالى‌: «إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَآعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» [3].

و أمّا بالنّسبة للأعمال المنافية للعفّة، فيقول تعالى‌: «فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَحِيماً» [4].

و في مكان آخر أشار إلى الذّنوب، مثل: الشّرك، و قتل النفس، و الزنا، و عقوباتها، فقال:


[1]. سورة البقرة، الآية 279.

[2]. سورة آل عمران، الآية 78 و 79.

[3]. سورة المائدة، الآية 24.

[4]. سورة النساء، الآية 16.

نام کتاب : الاخلاق فى القرآن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 206
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست