و عند ما وصل
الخبر إلى جيش الروم بأن جيش المسلمين الذي يبلغ ثلاثين ألف نفر قادم إليهم من
المدينة و بأقل مقدار من الإمكانات العسكرية و مشياً على الأقدام و بقلوب مليئة
بالعشق إلى الجهاد ضد أعداء اللَّه عزموا على العودة و التراجع. حيث أصدر «أي
القيصر» ملك الشام الأمر بذلك، و عند ما وصل المسلمون إلى تبوك علموا بفرار العدو
و تراجعه و شكروا اللَّه على هذا التوفيق العظيم.
ثمّ إن النبي
الأكرم استشار أصحابه بالنسبة إلى الرجوع إلى المدينة أو مواصلة الطريق و الهجوم
على العدو في الشام، و كانت نتيجة الشورى هي التصميم على العودة إلى المدينة لأن
الإسلام لم يزل في بداياته و لم تكن للمسلمين القدرة الكافية و التجربة الوافية
لفتح البلدان و المناطق الاخرى، و على هذا الأساس كان هذا الاقدام العسكري في غاية
الخطورة بالنسبة إلى الدولة الإسلامية الفتية.
و بملاحظة ما
تقدّم فإن غزوة تبوك كانت تختلف تماماً عن غزوات الإسلام الاخرى «و خاصّة لطول
مدّة عدم حضور النبيّ و المسلمين في المدينة و بُعد المسافة بين المدينة و تبوك»
فكان من المحتمل جداً أن يتآمر المنافقون في المدينة بالتوافق مع الأعداء خارج
المدينة، و لهذا كان من المفروض أن يخلف النبي الأكرم أقوى و أشجع المسلمين ليحفظ
دار الإسلام و عاصمة البلد الإسلامي من شر الأعداء و مؤامرات المنافقين المحتملة،
و لم يكن هذا الشخص سوى الإمام علي عليه السلام و لهذا فإن النبي الأكرم صلى الله
عليه و آله عينه على المدينة كما تقدّم في رواية أبي بكر المؤمن الشيرازي
المتقدّمة بعنوان أنه اولو الأمر.
و على هذا
الأساس فإن الإمام علي عليه السلام كان يتصف بصفة «اولو الأمر» حتّى في زمان النبي
الأكرم رغم أن ذلك كان بشكل مؤقت فكانت طاعته مترادفة مع إطاعة اللَّه و رسوله و
واجبة على المسلمين في المدينة، و عليه فإن هذا الإشكال أي إشكال فعلية الإطاعة في
الآية الشريفة يتضح جوابه ممّا تقدّم بيانه.
السؤال
الثاني: إن كلمة «اولو الأمر»
تدلّ على الجمع و الإمام عليّ شخص واحد،