فطبقاً لهذه
الرواية الشريفة أن العامل الوحيد للضلالة و الابتعاد عن الحقّ هو البحث غير
المنطقي و الجدال من موقع الخصومة و التعصّب المذهبي.
سؤال:
لما ذا كانت جميع أسباب و عوامل الضلالة و الزيغ تمتد بجذورها إلى الجدال بالباطل؟
الجواب:
لأن الإنسان لو وجد في نفسه إذعاناً و تسليماً للحقّ فإنّ الدعاة إلى الحقّ كثيرون
في هذه الدنيا و بإمكان الإنسان أن يجد طريق الهداية و الإيمان الصحيح بيسر و
سهولة، و قد ورد أن الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام في جوابه لهارون الرشيد عند
ما طلب منه الموعظة و النصيحة قال:
أي أن جميع
ما في الأرض من كائنات و مخلوقات و ظواهر طبيعية هي في الحقيقة موعظة لمن فتح قلبه
على اللَّه و الحقّ، فالسماء بكلِّ ما تحوي مجرّات عظيمة و شموس منيرة ما هي إلّا
موعظة، ظاهرة الزمان و المكان موعظة، الحوادث المفرحة و المرّة موعظة، أجل فكلّ
هذه الامور تكون موعظة بشرط أن يتمتع الإنسان باذنٌ واعية و عينٌ بصيرة و فؤاد
حيّ.
و تأسيساً
على هذا فإنّ الحقّ لا يخفى على طلّاب الحقّ و عشّاق الحقيقة، و من وقع في وادي
الضلالة و الانحراف فإنه يعاني من مشكلة في واقعه النفساني قبل كلِّ شيء و
بالتالي يعيش مرض الجدال بالباطل.
و قد اتّضح
ممّا تقدّم أنه لا تفاوت بين المباحث و المواضيع الدينية و الأخلاقية و السياسية و
أمثال ذلك، فمثلًا ما نقرأه في الصحف و الإعلام حول المسائل السياسية يتدخل فيه
هذا العنصر بالذات، أي أن كلُّ طرف من الأطراف المتنازعة لا يريد أن يذعن و يسلّم
للحقّ بل يريد أن يحكّم رأيه و يفرض نظره على الآخرين بعيداً عن معايير الحقِّ و
الإنصاف، و إلّا فإنّ تشخيص الحقّ في المسائل السياسية لا يكون مشكلًا و عسيراً
أيضاً، و لكن عند ما تتدخل المسألة في إطار التعصّب المذهبي و المنافع الشخصية و
الحزبية فإنّ