لأن الإنسان
عند ما يعيش حالة الجدل الدائم مع الآخرين فتدريجياً يطرح رغباته و ميوله و أفكاره
الشخصية المستوحاة من الأهواء النفسية في لباس الدين و المذهب و يتصور أن هذا
الرأي ما هو إلّا قراءة سليمة للدين و للمفاهيم القرآنية.
و الخلاصة
أنه ورد النهي الشديد و الأكيد في الآيات و الروايات الشريفة عن الجدل بالباطل، و
أما الجدل بالحقّ و الحوار المنطقي و الهادف و الذي يقوم على أساس الأدلّة و
البراهين العقليّة و يكون الهدف منه هو إيضاح الحقيقة و استجلاء كوامن الحقّ من
دون أن تكون رغبة لدى الطرفين في الاستعلاء و الغلبة و التفوق على الخصم فإنّ مثل
هذا الجدال و الحوار ليس فقط لا إشكال فيه بل هو مأمور به من قبل اللَّه تعالى،
حيث نقرأ في الآية 125 من سورة النحل قوله:
«وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ».
2-
الاقتداء بالهادي
و التوصية
الثانية للآية الشريفة و التي تستفاد من المقطع الثاني لها هي أن المسلمين لو
أرادوا الهداية إلى اللَّه تعالى و السير في خطّ التقوى و الإيمان فلا بدّ أن
يتّخذوا الإمام علي عليه السلام قدوة و على أساس من كونه «هادياً» للمسلمين.
الإمام علي
عليه السلام في أخلاقه و سلوكياته و أقواله و كتبه المشحونة بالمعارف العالية و
المفاهيم السامية و كلماته القصار المليئة بالموعظة و الحكمة، و تاريخ حياته
المليء بالدروس و العبر، و آداب معاشرته و أخلاقه الجذّابة مع الآخرين، و مديريته
القوية و الرصينة،