فطبقاً لهذه
الآية الشريفة فإن «الصادقين» مضافاً إلى إيمانهم باللَّه و رسوله أو إيمانهم
بالمبدإ و النبوّة التي يشترك في هذه العقيدة جميع المسلمين فإنّهم يختصون
بخصوصيات اخرى لا يشترك معهم سائر المسلمون:
1- إنهم بعد
الإيمان باللَّه و رسوله لم يعيشوا الريب و الشك و لا للحظة واحدة بل كانوا يعيشون
الإيمان و اليقين الراسخ في جميع مراحل حياتهم.
2- و الآخر
أن هذا الإيمان المذكور لم ينحصر في عالم القلب و اللسان فحسب، بل إنّ آثاره تجلت
بوضوح على مستوى الممارسة و العمل، و لهذا فإنّهم يتحركون في جهادهم في سبيل
اللَّه من موقع القرب من اللَّه و بدافع من طلب رضاه فقط لا بدوافع اخرى فيبذلون
المال و الأنفس في هذا السبيل.
و مع
الالتفات إلى هاتين الخصوصيتين النادرتين يجب علينا التفتيش و الفحص بين أصحاب
الرسول الأكرم لنعثر على الشخص الذي يتمتّع بهذه الصفات و الخصوصيات و يكون من
الصادقين.
و لدى رجوعنا
لتاريخ صدر الإسلام نصل إلى هذه الحقيقة، و هي أن الشخص الوحيد الذي يتمتع بهذه
الصفات هو عليّ بن أبي طالب عليه السلام لأن جميع حياته كانت مليئة بالجهاد بالمال
و النفس و لم يشك أو يتردد طرفة عين في إيمانه و عقيدته.
و من أجل
إثبات هذه الحقيقة نذكر ثلاث وقائع مختلفة مما يذكره التاريخ الإسلامي عن حياة هذا
الإمام و جهاده بالمال و النفس و إيمانه الراسخ باللَّه و رسوله:
1- عند ما
تحرك المشركون في مكّة للقضاء على الإسلام و تآمروا في كيفية الطريق إلى تحقيق هذه
الغاية و صمّموا على تنفيذ مؤامرة قتل النبي الأكرم صلى الله عليه و آله. و من أجل
أن لا تقوم عشيرة النبي صلى الله عليه و آله بالانتقام من القاتل أو الاقتصاص منه
قرّروا أن يقوم بهذه العملية عدّة أشخاص من جميع القبائل فاختاروا لذلك أربعين
شخصاً من الأقوياء و الشجعان في القبائل العربية ليهجموا على بيت النبوّة ليلًا و
ينفّذوا هذه العملية.
و لكنّ
اللَّه تعالى أخبر نبيّه الكريم بواسطة الوحي بهذه المؤامرة الخطيرة، فقام النبي