فلا بدّ من العلم بالوثاقة و
نحوها أو ما يقوم مقامه من الظنّ الذي ثبتت حجّيّته، و ذلك لا يحصل إلا بالاختبار
أو الإخبار كما لا يخفى. و الأوّل متعذّر غالبا بل كلّيّا، لأنّه موقوف على نحو
المصاحبة و المعاشرة[1] الموقوفتين على المقارنة في
زمان الوجود و الملاقاة المخصوصة. و الكلّ منتف، فتعيّن الثاني.
و
ذلك إمّا بالإخبار الشفاهيّ الملفوظيّ أو المكتوبيّ، و الأوّل متعذّر غالبا،
لتوقّفه على وجود المخبر المقارن المصاحب، و هو غير موجود، فتعيّن الثاني، و محلّه
كتب الرجال، فتعيّن الحاجة إليها و إلى العلم بأحوالهم.
و
ثانيا: أنّ جلّ الأخبار متعارضة، و العمل بأحدها و تعيينه بلا مرجّح قبيح عقلا، و
التسوية بينها مع العلم بالرجحان في الواقع أيضا قبيحة، فلا بدّ من تحصيل العلم
بالمرجّح، و يحصل ذلك من الرجال، فلا بدّ من تحصيل علم الرجال، حذرا عن القبيح.
و
ثالثا: أنّ حجّيّة الخبر إمّا من جهة الآيات كآية النبإ[2]
أو من جهة إفادة الظنّ. و على التقديرين لا بدّ من معرفة وثاقة الرواة، أمّا على
الأوّل فواضح، لاعتبار العدالة في مفهوم الآية الذي هو المستند، و يمتنع عند العقل
العمل بالمشروط من دون حصول الشرط. و أمّا على الثاني فلأنّ الظنّ غالبا لا يحصل
إلا بمعرفة وثاقة الرواة، لانتفاء الاعتضاد و الاحتفاف بما يوجب الاطمئنان و الاعتماد
من القرائن الخارجيّة غالبا، و المعرفة موقوفة بالرجوع إلى علم الرجال، لما مرّ.
[1] . إشارة الى وجود غيرها كالقرائن. منه رحمه اللّه.