[الأوّل:
مقام إثبات الحاجة إليه في الجملة على سبيل القضيّة المهملة]
[أدلة
مثبتي الحاجة الى علم الرجال]
اعلم
أنّ الاحتياج إليه في الجملة ثابت بالعقل و النقل.
أمّا
العقل:
فأوّلا:
أنّ الخبر الذي لا محيص عن العمل به من حيث هو ممّا يحتمل الصدق و الكذب- كما هو
المقرّر- فترجّح أحدهما و الحكم به موقوف على مرجّح، لقبح الترجيح بلا مرجّح و
التعيين بلا معيّن.
و
المرجّح إمّا علميّ أو ظنيّ؛ و العلمي إمّا داخليّ أو خارجيّ. و الداخليّ هو
المتواتر بأقسامه. و الخارجيّ هو الاحتفاف بالقرائن القطعيّة.
و
كلاهما منتف في غالب الأخبار كما لا يخفى على من تأمّل و راجع وجدانه، لقلّة
الوسائط و اختفاء القرائن بالتقيّة، و سيأتي لذلك مزيد إيضاح. فتعيّن العمل
بالمرجّح الظنّيّ، حذرا عن لزوم الأقبح من التكليف بما لا يطاق، أو العسر و الحرج
و اختلال النظام، أو الهرج و المرج و التسوية بين الراجح و المرجوح، أو ترجيح
المرجوح أو الخروج عن الدين، فإنّ العقل يحكم بارتكاب أقلّ القبيحين، لسلامته عن
القبح الزائد و قبح العمل بالقبيح الزائد قبيح.
و
ذلك المرجّح أيضا إمّا داخلي أو خارجي. و الأوّل عبارة عن وثاقة المخبر و عدالته و
الاعتماد عليه و نحوها، و الثاني عبارة عن الاحتفاف بالقرائن الظنّيّة كاعتضاد
بعضها ببعض و سيرة المسلمين و نحو ذلك. و لا شكّ أنّ الثاني غالبا منتف كما لا
يخفى على المتأمّل، و سيأتي له إيضاح- إن شاء اللّه تعالى-، فتعيّن الأوّل.