و قول الجارح إلى وجدانه، و لا
منافاة بينهما، فلا يلزم من تقديم الجرح تكذيب أحد، و الجمع مهما أمكن أولى.
و
فيه- مضافا إلى عدم دليل على لزوم الجمع-: أنّه يستلزم عدم تحقّق حديث صحيح، و
أنّه لا يتمّ في صورة تعارض النصّين على سبيل التباين الكلّيّ، و كذا على سبيل
العموم المطلق أو من وجه أيضا[1].
[1] . قال في مفتاح الكرامة: أنّه قد اشتهر بينهم تقديم
الجرح على التعديل عند التعارض، و هذا لا يتأتى إلا على القول بأنّ العدالة حسن
الظاهر. و أما على القول بأنّها الملكة فلا يتجه، لأنّ المعدّل إنّما ينطق عن علم
حصل له بعد طول المعاشرة و الاختبار أو بعد الجهد في تتبع الآثار، و عند هؤلاء
يبعد صدور المعصية فيبعد صدور الخطأ من المعدّل. و يرشد إلى ذلك تعليلهم في تقديم
الجرح على التعديل إنّا إذا أخذنا بقول الجارح فقد صدّقناه و صدقنا المعدّل، لأنّه
لا مانع من وقوع ما يوجب الجرح و التعديل بأن يكون كلّ منهما اطّلع على ما يوجب
أحدهما، و أنت خبير بأنّ المعدّل على القول بالملكة إنّما يخبر بما علمه و بما هو
عليه في نفس الأمر و الواقع، ففي تقديم الجرح حينئذ و تصديقهما معا جمع بين
النقيضين تأمل فإنّه ربما دق. مفتاح الكرامة: 8/ 273.