لايكون الناظر على شبهةٍ ، فوضعوا الكتب الرجالية على حروف الهجاء مع مراعات الحرف الثاني ، وهذا أحسن طريق يرفع به الشبهة ، وجملة منهم لم يقنعوا بذلك ، وأفردوا مصنَّفاً في بيان ذلك: فمنهم العلاّمة رحمه الله فإنّه صنّف رسالة سمّاها إيضاح الاشتباه ، ولم يهمل ذلك في الخلاصة ، بل بيّن مهما أمكن. ومنهم الشيخ تقي الدين ابن داوود . ومنهم النراقي ؛ إلاّ أنّه قنع بالرواة المشهورين. الثاني: المصحّف في المتن سواءٌ كان التصحيف في جوهر الكلمة أو كيفية القراءة. فالأوّل : كقوله : «من صام رمضان وأتبعه ستّاً من شوّال» فقد صحّفه بعضهم فقرأ شتّاً بالشين المعجمة من الشتيت بمعنى المتفرّق . [1] والثاني : كحديث : «الدنيا رأس كلّ خطيئةٍ» فإنّ بعضهم قرأها : «الدينار رأس كلّ خطيئة» . وقد يكون من جهة السماع ، كتصحيف عاصم الأحول بالواصل الأحدب ، ومثل ذلك كثير الورود . [2] الثالث : المصحّف في المعنى ، كما روت الحكاة عن محمد بن المثنّى العنزي أنّه قال : نحن قوم لنا شرف ، نحن من عترة صلّى إلينا رسول اللّه صلى الله عليه و آله . أراد بذلك ما روي أنّه صلّى إلى عترة ، وهي على ما في القاموس : رُميح بين العصا والرمح فيها زَجّ نَصَبها سترة ، فتوهّم أنّه صلّى إلى قبيلة بني عنزة ، وهم حيٌّ معروف من ولد عنزة بن أسد بن ربيعة . [3]
[1] مقدمة ابن الصلاح ، ص 412؛ و صحيح المسلم ، ج 1 ، 822 .[2] عاصم الأحول : عاصم بن سليمان الأحول البصري توفي سنة 142 ه . الأعلام ، ج 4 ، ص 13 ومقدمة ابن الصلاح ، ص 413 .[3] في الحديث : كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يجعل العنزه بين يديه إذا صلّى ، وكان ذلك ليستر بها عن المارّة . ? مقدمة ابن الصلاح ، ص 412؛ تدريب الراوى، ص 167 ؛ والزُّجّ : الحديدة التي في أسفل الرمح .