لا
ريب أنّ الحديث الحاكي للسنّة هو المصدر الثاني في تحصيل العلوم الإلهيّة بعد كتاب
اللّه- تبارك و تعالى- فهو من المصادر المهمّة التي يدور عليها مدار الاستنباط و
الاجتهاد في أحكام اللّه.
و
لمّا كانت السنّة الشريفة بما فيها قول المعصوم أو فعله أو تقريره على هذه
الأهمّية العظيمة و الخطيرة، فلابدّ من إحراز صدورها عنهم عليهم السّلام- بطريق
علمي أو وجداني- من خلال الاطمئنان بصحّة سند الروايات التي بطبعها تكون حاكية
عنها، و العلم بما يعرض على متن الحديث، من حيث كونه نصّا أو ظاهرا، خاصّا أو
عامّا، مطلقا أو مقيّدا، مجملا أو مبيّنا، معارضا أو غير معارض، أو موضوعا أم لا.
و
ذلك لا يتيسّر لكلّ مراجع و مستنبط إلّا إذا كان عالما خبيرا بعلوم الحديث، كعلم
الرجال و الدراية و فقه الحديث و الأصول و الأدب؛ و قد اهتمّ علماء الشيعة و رواة
أخبار آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله- حيث يتوارثونه خلفا عن سلف- برواية الحديث
و حفظه و حمله و جمعه و ترتيبه، و نقده و تعديل رواته و التحقيق في تاريخه و طبقات
رجاله و فنون درايته، فصنّفوا بذلك كتبا و أصولا و مجموعات حديثيّة و ألّفوا كتبا
و رسائل في علم الرجال، و شرح الحديث، و غريب الحديث، و دراية