الجملة إلّا أنّه- كما قال بعض
أصحابنا- مقصور على مقام خاصّ، بمرجّح خاصّ، لدليل خاصّ.
قال:
بل لو رجّح إحدى البيّنتين على الاخرى بشهادة جماعة من الفسّاق لكان من منكرات
الفقه، لكن لو كانت حجّيّة البيّنة بشرط الظنّ- كما قال به بعض الأعلام، بل ادّعى
الإجماع عليه- فلا بأس بالقول بلزوم البناء على الراجح بعد الاطّلاع على الرجحان و
إن لم يجب الفحص عن الرجحان، و إن أمكن القول بكونه خلاف الإجماع كما هو مقتضى ما
سمعت من بعض الأصحاب، مع أنّ اعتبار الظنّ في الشهادة من باب الاجتهاد غير ثابت و
إن كان القدر المتيقّن من اعتبار الشهادة هو صورة إفادة الظنّ، كما حرّرناه في بعض
المباحث في الاصول.
[حقيقة
التوثيقات الرجاليّة]
و
التحقيق أن يقال: إنّه يتأتّى الكلام تارة في أنّ توثيقات أرباب الرجال عن علم أو
عن ظنّ. و اخرى في أنّ حجّيّتها لنا على الأوّل بناء على اعتبار العلم في الخبر،
أو مطلقا بناء على عدم الاعتبار من باب حجّيّة الشهادة أو الخبر أو الظنّ
الاجتهادي.
و
أمّا دعوى كون حجّيّتها من باب حجّيّة القطع فلا اعتداد بها.
أمّا
الأوّل: فالظاهر أنّ مدار التوثيقات على الظنّ، كما يرشد إليه ما ذكره
السيّد السند المحسن الكاظمي من:
أنّ
الذي استقامت عليه طريقة أصحابنا من قديم الدهر- كما يظهر من كتب الرجال- هو
الاكتفاء في الجرح و التزكية بالواحد، خصوصا إذا كان من الأجلّاء.
و
عن بعض الأواخر: أنّ الذي يستفاد من كلام النجاشي و الشيخ و ابن طاووس و غيرهم أنّ
اعتمادهم في الجرح و التعديل على الظنّ كما يظهر لمن تصفّح كتبهم.