هذا الفصل وإن لم يكن فيه ألفاظ غريبة سبيلُها أن تشرَح ، ففيه معان مختلفة سبيلها أن تذكر وتوضّح ، وتذكر نظائرها وما يناسبها : فمنها قوله عليه السلام : إنّ من حقّ مَنْ عَظُمت نعمة اللّه عليه أن تعظُم عليه حقوق اللّه تعالى ، وأنْ يعظُم جلال اللّه تعالى في نفسه ، ومن حقّ مَنْ كان كذلك ، أن يصغُر عنده كلُّ ما سوى اللّه . وهذا مقام جليل من مقامات العارفين ، وهو استحقار كلّ ما سوى اللّه تعالى ، وذلك أنّ مَنْ عرف اللّه تعالى فقد عرف ما هو أعظمُ من كلّ عظيم ، بل لا نسبة لشيء من الأشياء أصلاً إليه سبحانه ، فلا يظهر عند العارف عظمةُ غيره البتّة ، كما أنّ مَنْ شاهد الشّمس المنيرة يستحقر ضوء القمر والسراج الموضوع في ضوء الشمس ، حال مشاهدته جرْم الشمس . ومنها قوله عليه السلام : منْ أسخَف حالات الولاة أن يظنّ بهم حبّ الفخر ويُوضع أمرهم على الكِبْر . قال النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم : «لا يدخل الجنَّةَ مَنْ كان في قلبه مثقال حبّة من كِبْر» . ومنها قوله عليه السلام : قد كرهتُ أن تظنّوا بي حبّ الإطراء واستماع الثناء ، قد روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله وسلمأنه قال : «احثُوا في وجوه المدّاحين التراب» . وكان يقال : إذا سمعتَ الرّجُل يقول فيك من الخير ماليس فيك ، فلا تأمن أن يقول فيك من الشرّ ما ليس فيك . ومنها قوله عليه السلام : لو كنت كذلك لتركته انحطاطا للّه تعالى عن تناول ما هو أحقّ به من الكبرياء . في الحديث المرفوع : «مَنْ تواضع للّه رفعه اللّه ، ومَنْ تكبّر خفضه اللّه » . وفيه أيضا : العظمة إزاري ، والكبرياء ردائي ، فمن نازعني فيهما قصمتُه . ومنها قوله عليه السلام : لا تظنّوا بي استثقالَ رفع الحقّ إليّ ، فإنه مَن استثقل الحق أن يقال له ، كان
نام کتاب : تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي نویسنده : الشریفي، عبدالهادي جلد : 2 صفحه : 9