[١] قال العلاّمة الطباطبائي قدسسره : « البداء من الأوصاف التي ربّما تتّصف بها أفعالنا
الاختياريّة من حيث صدورها عنّا بالعلم والاختيار ، فإنّا لانريد شيئاً من أفعالنا
الاختياريّة إلاّبمصلحة داعية إلى ذلك تعلّق بها علمنا ، وربّما تعلّق العلم
بمصلحة الفعل ، ثمّ تعلّق العلم بمصلحة اخرى توجب خلاف المصلحة الاولى ، فحينئذٍ
نريد خلاف ما كنّا نريده قبل ، وهو الذي نقول بدا لنا أن نفعل كذا ، أي ظهر لنا
بعد ما كان خفيّاً عنّا كذا. والبداء : الظهور ، فالبداء : ظهور ما كان خفيّاً من
الفعل ؛ لظهور ما كان خفيّاً من العلم بالمصلحة ، ثمّ توسّع في الاستعمال فأطلقنا
البداء على ظهور كلّ فعل كان الظاهر خلافه ، فيقال : بدا له أن يفعل كذا ، أي ظهر
من فعله ما كان الظاهر منه خلافه. ثمّ إنّ وجود كلّ موجود من الموجودات الخارجيّة
له نسبة إلى مجموع علّته التامّة التي يستحيل معها عدم الشيء ، وعند ذلك يجب
وجوده بالضرورة ، وله نسبة إلى مقتضيه الذي يحتاج الشيء في صدوره منه إلى شرط
وعدم مانع ، فإذا وجدت الشرائط وعدمت الموانع ، تمّت العلّة التامّة ووجب وجود
الشيء ، وإذا لم يوجد الشرط أو وجد مانع ، لم يؤثّر المقتضي أثره وكان التأثير
للمانع ، وحينئذٍ يصدق البداء ؛ فإنّ هذا الحادث إذا نسب وجوده إلى مقتضيه الذي
كان يظهر بوجوده خلاف هذا الحادث كان موجوداً ظهر من علّته خلاف ما كان يظهر منها
، ومن المعلوم أنّ علمه تعالى بالموجودات والحوادث مطابق لما في نفس الأمر من
وجودها ؛ فله تعالى علم بالأشياء من جهة عللها التامّة ، وهو العلم الذي لا بداء
فيه أصلاً ، وله علم بالأشياء من جهة مقتضياتها التي موقوفة التأثير على وجود
الشرائط وفقد الموانع ، وهذا العلم يمكن أن يظهر خلاف ما كان ظاهراً منه بفقد شرط
أو وجود مانع ، وهو المراد بقوله تعالى : ( يَمْحُوا اللهُ
ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ ) الآية »
[ الرعد (١٣) : ٣٩ ].
[٢] التوحيد ، ص ٣٣١ ، ح ١ ،
عن أبيه ، عن محمّد بن يحيى الوافي ، ج ١ ، ص ٥٠٧ ،
ح ٤٠٣.
[٣] الخبر رواه الشيخ الصدوق في التوحيد ، ص ٣٣٣
، ح ٢ ، بسنده عن أيّوب بن نوح ، عن ابن أبي عمير. والظاهر كون الخبر مرسلاً في ما
نحن فيه.
[٤] في شرح صدر المتألّهين ، ص ٣٨٣
: « الفعل إمّا بصيغة المجهول ، أو بتقدير فاعل مثل : أحد ، أو عَبْدٌ ».
[٥] التوحيد ، ص ٣٣٣ ، ح ٢ ،
عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أيّوب بن
نوح ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم الوافي ، ج ١ ،
ص ٥٠٧ ، ح ٤٠٤.
نام کتاب : الکافی- ط دار الحدیث نویسنده : الشيخ الكليني جلد : 1 صفحه : 357