responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الذريعة إلى حافظ الشريعة نویسنده : رفيع الدين محمد الجيلاني    جلد : 1  صفحه : 167

وبضعف بصائرهم إلى التكذيب والعنود، حتّى أنكروا خلق الأشياء، وادّعوا أنّ كونها بالإهمال، لا صنعة فيها ولا تقدير، ولا حكمة من مدبّر ولا صانع، تعالى اللَّه عمّا يصفون، وقاتلهم اللَّه أنّى يؤفكون، فهم في ضلالهم وعَمْيهم بمنزلة عُمْيان دخلوا داراً قد بُنيت أتقنَ بناءٍ وأحكمَه، وفُرشت بأحسن الفراش وأفخره، واعدَّ فيها ضروب الأطعمة والأشربة والملابس التي يحتاج إليها ولا يستغنى عنها، ووضع كلّ شي‌ء من ذلك موضعه على‌ صواب من التقدير، وحكمة من التدبير، فجعلوا يتردّدون فيها يميناً وشمالًا، ويطوفون بيوتها إقبالًا وإدباراً، محجوبةً أبصارهم عنها لا يبصرون بنية الدار وما اعدَّ فيها، وربما عثر بعضهم بالشي‌ء الذي قد وضع موضعه، واعدّ للحاجة إليه، وهو جاهل بالمعنيّ فيه ولما اعدَّ ولماذا جعل كذلك، فتذمّر [1] وتسخّط، وذمّ الدار وبانيها، فهذه حال هذا الصنف في إنكارهم ما أنكروا من أمر الخلقة وثبات الصنعة؛ فإنّهم لمّا غربت أذهانهم عن معرفة الأسباب والعلل في الأشياء، صاروا يجولون في هذا العالم حيارى، ولا يفهمون ما هو عليه من إتقان خلقته، وحسن صنعه، وصواب تهيئته.

وربّما وقف بعضهم على الشي‌ء لجهل سببه والإرب فيه، فيسرع إلى ذمّه ووصفه بالإحالة والخطأ، كالذي أقدمت عليه المانية [2] الكفرة، وجاهرت به الملحدة المارقة الفجرة وأشباههم من أهل الضلال المعلّلين أنفسهم بالمحال؛ فيحقّ على من أنعم اللَّه‌


[1]. تذمّر هو: لام نفسه، أو تغضّب. لسان العرب، ج 4، ص 311 (ذمر).

[2]. في المصدر: المنانيّة. وفي البحار: «المانويّة» وقال في البحار: «والمانويّة: فرقة من الثنويّة أصحاب ماني، الذي‌ظهر في زمان سابور بن أردشير، وأحدث ديناً بين المجوسيّة والنصرانيّة، وكان يقول بنبوّة المسيح على نبيّنا وآله و 7، ولايقول بنبوّة موسى على نبيّنا وآله و7، وزعم أنّ العالم مصنوع مركّب من أصلين قديمين؛ أحدهما نور، والآخر ظلمة، وهؤلاء ينسبون الخيرات إلى النور، والشرور إلى الظلمة، وينسبون خلق السباع والمؤذيات والعقارب والحيّات إلى الظلمة؛ فأشار إلى فساد وهمهم بأنّ هذا لجهلهم بمصالح هذه السباع والعقارب والحيّات التي يزعمون أنّها من الشرور التي لايليق بالحكيم خلقها». بحار الأنوار، ج 3، ص 61. وللمزيد راجع: الملل والنحل للشهرستاني، ج 2، ص 81؛ مروّج الذهب، ج 1، ص 155؛ الفهرست، ص 456؛ الفرق بين الفرق، ص 162 و 207؛ الآثار الباقية للبيروني، ص 207.

نام کتاب : الذريعة إلى حافظ الشريعة نویسنده : رفيع الدين محمد الجيلاني    جلد : 1  صفحه : 167
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست