فيها، فمَن أراد منكم أن يصلّي فيها فليصلِّ»، فمال الناس عن
جنبي الطريق يصلّون، و ركب هو عليه السلام بغلة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و
مضى.
قال جويرية: فقلت: و
اللَّه، لأتبعنّ أمير المؤمنين عليه السلام و لأقلّدنّه صلاتي اليوم، فمضيت خلفه،
فو الله، ما جُزنا جسر سوراء حتّى غابت الشمس، فشككت، فالتفت إليَّ و قال: «يا
جويرية، أ شككت؟» فقلت: نعم يا أمير المؤمنين. فنزل عليه السلام عن ناحية فتوضّأ،
ثمّ قام: فنطق بكلام لا أحسبه إلّا كأنّه بالعبراني، ثمّ نادى: «الصلاة»، فنظرت- و
اللَّه- إلى الشمس قد خرجت من بين جبلين لها صرير، فصلّى العصر و صلّيت معه، فلمّا
فرغنا من صلاتنا عاد الليل كما كان، فالتفت إليَّ فقال: «يا جويرية بن مسهر، إنّ
اللَّه عزّ و جلّ يقول: «فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ»،[1] و اللَّه، أنّي
سألت اللَّه عزّ و جلّ باسمه العظيم، فردَّ عليَّ الشمس».
و قال: و روي أنّ جويرية
لمّا رأى ذلك قال: وصيّ نبيّ و ربّ الكعبة.[2]
و
هذان الردّان ممّا أجمع عليه الأصحاب، و يؤيّدهما ما ثبت من الطريقين من وقوع كل ما كان في
الامم السالفة في هذه الامّة حذو النعل بالنعل و القذة بالقذة، و قد ثبت ردّها في
الامم السالفة مرّتين، مرّة على يوشع بن نون،[3] و اخرى على سليمان بن
داود عليهما السلام.[4] باب وداع
قبر النبيّ
باب
وداع قبر النبيّ صلى الله عليه و آله
يستحبّ ذلك استحباباً
مؤكّداً، و كذا وداع فاطمة و أئمّة البقيع صلوات اللَّه عليهم للبعيد.
[4]. روض الجنان، في تفسير الآية 29 من سورة
المائدة؛ التفسير الكبير، ج 32، ص 126.
أقول: لحديث ردّ الشمس مصادر و
أسانيد عديدة، و قد رواه جمع كثير من الصحابة و التابعين، و أورده جماعة من
المحدّثين و المورّخين في كتبهم، و قد استوفيت رواياته و أبحاثه في كتاب مستقلّ
باسم« ردّ الشمس لأمير المؤمنين عليه السلام»، فليراجع إليه، ففيه كفاية لمن أراد الحقّ
في ذلك.