و الظاهر أنّه أراد بذلك ما لو خرج من مكّة و فات وقته بقرينة
الخبر الذي يدلّ عليه و إن كان إطلاق كلامه شاملًا لما لو خرج و كان وقته باقياً
بأن ينفر من منى و يخرج من مكّة في النفر الأوّل.
و الخبر رواه الشيخ في
الصحيح عن معاوية بن عمّار، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:
رجل نسي رمي الجمار؟
قال: «يرجع فيرميها»، قلت: فإنّه نسيها حتّى أتى مكّة؟ قال:
«يرجع فيرمي متفرّقاً و
يفصل بين كلّ رميتين بساعة»، قلت: فإن نسي أو جهل حتّى فاته و خرج؟ قال: «ليس عليه
أن يعيد».[1] و يؤوّله
الشيخ في الاستبصار على أنّ معناه: «أنّه ليس عليه أن يعيده في هذه السنة؛ لفوات
وقته و إن كان يجب عليه إعادته في القابل».
و في المنتهى: و قال
الشافعيّ: لا قضاء عليه إذا فاتت أيّام التشريق قولًا واحداً و ما ذا يجب عليه
عنده، قولان: أحدهما: دم واحد، و الثاني: أربعة دماء.[2] هذا كلّه فيما إذا تركه
نسياناً أو جهلًا، و أمّا مع العمد فظاهر الأصحاب وفاقهم على وجوب قضائه في ذلك
العام أو في القابل على التفصيل المذكور، و لم أجد خبراً صريحاً فيه، بل بعض
الأخبار تدلّ على فساد حجّه بذلك، رواه الشيخ عن يحيى بن المبارك، عن عبد اللّه بن
جبلة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «مَن ترك رمي الجمار متعمداً لم تحلّ له
النساء و عليه الحجّ من قابل»،[3] لكن لم
يعمل به أحد؛ لضعفه بجهالة يحيى، و وقف عبد اللّه و إن كان موثّقاً.[4]
[1]. تهذيب الأحكام، ج 5، ص 264، ح 899؛
الاستبصار، ج 2، ص 297، ح 1059؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 262، ح 19149.
[2]. منتهى المطلب، ج 2، ص 774. و انظر: المجموع
للنووي، ج 8، ص 241؛ فتح العزيز، ج 7، ص 402؛ الخلاف، ج 2، ص 358، المسألة 189.
[3]. تهذيب الأحكام، ج 5، ص 264- 265، ح 901؛
الاستبصار، ج 2، ص 297، ح 1061؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 264، ح 18155.
[4]. رجال النجاشي، ص 216، الرقم 563؛ إيضاح
الاشتباه، ص 209، الرقم 348.