و عنه صلى الله عليه و آله أنّه نهى عن العمائم و البرانس.[1] و عن ابن
عبّاس أنّ محرماً وقصت[2] به ناقته
غداة عرفة فمات، فقال النبيّ صلى الله عليه و آله:
«خمِّروا وجهه و لا
تخمّروا رأسه، فإنّه يبعث يوم القيامة ملبّياً».[3] و حكي عن ابن أبي عقيل أنّه قال: «لا
يغطّي المحرم وجهه أيضاً، و إن فعل فعليه أن يطعم مسكيناً في يده»[4]، تعويلًا
على صحيحة الحلبيّ، قال: «المحرم إذا غطّى وجهه فليطعم مسكيناً في يده». قال: «و
لا بأس أن ينام المحرم على وجهه على راحلته»[5]،
و هو محكي عن أبي حنيفة أيضاً محتجّاً بما حكيناه عن ابن عبّاس بزيادة «وجهه»
عطفاً على «رأسه».[6] و الجواب عن
الصحيحة على تقدير استناده إلى معصوم بإمكان حمل الأمر فيها على الاستحباب، و
يؤيّده آخر الخبر.
على أنّ وجوب الفدية ليس
مستتبعاً لحرمة التغطية، بل يجامع جوازها كما ذهب إليه الشيخ في التهذيب، فإنّه قال:
«تغطية الوجه مع الاختيار جائز، غير أنّه تلزمه الكفّارة، و متى لم ينو الكفّارة
لم يجزئه ذلك»[7]، و احتجّ
عليه بهذا الخبر.
و عن خبر ابن عبّاس أنّه
خلاف المشهور في نقله، بل المشهور فيه ما نقلناه أوّلًا، و على تقدير صحّة النقل
يحتمل أن يكون المراد النهي عن تخمير مجموع الرأس و الوجه، بل هو الظاهر؛ لقوله:
«خمّروا وجهه» في آخر الخبر.
هذا، و يجوز للمرأة سدل
القناع على وجهها إلى طرف أنفها منفرجاً عنه على ما هو المشهور بين الأصحاب.
[1]. المغني، ج 3، ص 302؛ الشرح الكبير، ج 3، ص
268؛ و هذا المعنى بلفظ آخر تجدها في: السنن الكبرى للبيهقي، ج 5، ص 49؛ صحيح
البخاري، ج 1، ص 42؛ صحيح مسلم، ج 4، ص 2.
[2]. الوقص: كسر العنق. مجمع البحرين، ج 4، ص 190(
وقص).
[3]. السنن الكبرى للبيهقي، ج 3، ص 393؛ مسند
الشافعي، ص 358.