و عن ابن البرّاج أنّه قال بذلك التخيير في خصوص جزاء غير
الصيد في العمرة المفردة، و أنّه قال:
كلّ من كان محرماً
بالحجّ وَ وجب عليه جزاء صيد أصابه و أراد ذبحه أو نحره فليذبحه أو ينحره بمنى، و
إن كان معتمراً فعل ذلك بمكّة، أيّ موضع شاء منها، و الأفضل أن يكون فعله ذلك
بالحزورة مقابل الكعبة، و ما يجب على المحرم بعمرة مفردة- من كفّارة ليست كفّارة
صيد- فإنّه يجوز له ذبحها أو نحرها بمنى.[1]
و إليه ذهب الشيخ في التهذيب حيث ذكر أوّلًا
المذهب المشهور و أخباره، ثمّ عارضها بصحيحة منصور بن حازم، قال: سألت أبا عبد
اللّه عليه السلام عن كفّارة العمرة المفردة، أين تكون؟ فقال: «بمكّة، إلّا أن
يشاء صاحبها أن يؤخّرها إلى منى و يجعلها بمكّة أحبّ إليّ و أفضل».[2] و أجاب
عنها بأنّ هذا الخبر رخصة لما يجب من الكفّارة في غير الصيد، فأمّا ما يجب في
كفّارة الصيد فإنّه لا ينحر إلّا بمكّة. و احتجّ عليه بمرسلة أحمد بن محمّد.[3] هذا، و
يدلّ على المشهور في خصوص جزاء الصيد صحيحة عبد اللّه بن سنان[4] و خبر زرارة[5] و لم أجد
لهم مستنداً في جزاء غير الصيد، و كأنّهم حملوه على جزائه.
و قوله تعالى في جزاء
الصيد «هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ» و قوله: «ثُمَّ مَحِلُّها
إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ»[6] يقتضي جوازه
بمكّة مطلقاً، فلا يبعد حمل ما دلّ على ذبحه بمنى على الاستحباب و لو كان جزاء صيد
وجب في الحجّ، فتدبّر.
[2]. تهذيب الأحكام، ج 5، ص 374، ح 1303. و رواه
أيضاً في الاستبصار، ج 2، ص 212، ح 725؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 96، ح 17329.
[3]. وسائل الشيعة، ج 13، ص 96، ح 17328، و قد
تقدّم الحديث.
[4]. الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي. و
رواه الشيخ في تهذيب الأحكام، ج 5، ص 373، ح 1299؛ و الاستبصار، ج 2، ص 211، ح
722. وسائل الشيعة، ج 13، ص 95، ح 17326.
[5]. الحديث الرابع من هذا الباب. و رواه الشيخ في
تهذيب الأحكام، ج 5، ص 372، ح 1300؛ الاستبصار، ج 2، ص 212، ح 723. وسائل الشيعة،
ج 13، ص 95- 96، ح 17327.