إلهي و تعليم نبوى، خلافاً لأهل الخلاف حيث زعموا أنّهما ثبتا
برؤيا عبد اللَّه بن زيد الأنصاري، و ربّما نسبوا تلك الرؤيا إلى ابي بن كعب و عمر
بن الخطّاب أيضاً، فقد حكى السيّد المرتضى في الناصريّات:
أنّ عبد اللَّه بن زيد
الأنصاري[1] كان بين
النائم و اليقظان إذ أتاه آت و عليه ثوبان أخضران، فقام على جذم الحائط[2] فقال:
اللَّه أكبر اللَّه أكبر، إلى قوله: قال عبد اللَّه: ثمّ مكث هنيئة فأقام مثل ذلك،
إلّا أنّه زاد في آخره: قد قامت الصلاة. فأتى عبد اللَّه النبيّ صلى الله عليه و
آله فأخبره بذلك فقال له: «لقّنها بلالًا».[3]
و نقل طاب ثراه عن أبيّ عبد اللَّه الآبي أنّه قال:
لمّا بنى رسول اللَّه
صلى الله عليه و آله المسجد و كانت الصحابة يتحيّنون الصلاة[4]، أي يقدّرون حيناً
يأتون فيه للصلاة، و صار ضبط الوقت مشكلًا عليهم، شاورهم صلى الله عليه و آله فيما
يجعل علماً على الوقت، فذكروا أشياء، يعني النار و البوق و الناقوس. فقال بعضهم:
النار و البوق شعار اليهود، و الناقوس شعار النصارى، فإن اتّخذنا أحدها التبس
أوقاتنا و أوقاتهم.
فقال عبد اللَّه بن زيد:
إنّي رأيت الأذان في المنام.
ثمّ قال: و في مراسيل
أبي داود: أنّ عمر رأى مثل ذلك فقال: و الّذي بعثك بالحقّ، لقد رأيت مثل الّذي
[رأى].[5] و قد قيل:
إنّ ابي بن كعب قال: إنّي رأيته في النوم، فعند ذلك قال عمر لمّا رأى قبول الرؤيا:
أو لا تبعثون رجلًا ينادي بألفاظ الأذان؟ فقال صلى الله عليه و آله قم يا بلال و
ناد بالصلاة.[6]
[1]. عبد اللّه بن زيد بن عبد ربّه بن ثعلبة بن
زيد بن الحارث بن الخزرج الأنصاري، أبو محمّد المدني، شهد العقبة و بدراً و
المشاهد كلّها، روي عن النّبي صلى الله عليه و آله، و روي عنه ابنه محمّد و عن
ابنه عبد اللّه بن محمّد و سعيد بن المسيّب و عبد الرحمان بن أبي ليلي، قال
البخاري: لا نعرف له إلّا حديث الأذان، مات سنة اثنتين و ثلاثين، و له أربع و
ستّون سنة. تهذيب الكمال، ج 14، ص 540- 541، الرقم 3282.
[2]. الجذم: الأصل، أراد بقيّة حائط، أو قطعة من
حائط. النهاية، ج 1، ص 252( جذم).
[3]. الناصريّات، ص 185. و الحديث بتمامه في سنن
أبي داود، ج 1، ص 124- 125، ح 507.
[4]. أي يطلبون حينها، و الحين: الوقت. النهاية، ج
1، ص 470( حين).
[5]. انظر: مسند أحمد، ج 4، ص 43؛ سنن الدارمي، ج
1، ص 268- 269؛ سنن ابن ماجة، ج 1، ص 233، ح 706؛ سنن أبي داود، ج 1، ص 120- 122،
ح 499؛ سنن الترمذي، ج 1، ص 122، ح 189؛ السنن الكبرى، ج 1، ص 390- 391؛ خُلق
أفعال العباد للبخاري، ص 34- 36؛ صحيح ابن خزيمة، ج 1، ص 189؛ السنن للدار قطني، ج
1، ص 245، ح 900، و ص 249، ح 924.
[6]. لم أعثر على رواية ابيّ بن كعب في مصادر
العامّة، نعم ورد ذلك في رواياتنا نقلًا عنهم. انظر: باب النوادر من كتاب الصلاة
من الكافي، ح 1؛ علل الشرائع، ج 2، ص 312، الباب 1، باب علل الوضوء و الأذان و
الصلاة، ح 1.