و اختلفوا في توجيه الانتقال و التنحّي، فقيل: لأنّ الشمس
كانت طلعت فأمرهم بالانتقال حتّى ترتفع. و قيل: الوجه ما أشار إليه بقوله: «هذا منزل
حضرنا فيه الشيطان»[1]. و قيل:
إنّه أثقل كراهية للموضع الّذي أصابتهم فيه الغفلة كما نهى عن الصلاة بأرض بابل؛
معلّلًا بأنّها ملعونة[2]. و قيل:
لتقوم بحركة الرحيل من غمرة النوم، و يأخذ في اهبة الصلاة. و قيل: الأمر بذلك
منسوخ بقوله تعالى: «وَ أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي»[3].
و اعترض عليه بأنّ الآية
مكيّة و القضيّة بعد الهجرة بأعوام[4].
ثمّ قال:
بقي هنا شيء، و هو: أنّ
هذا ينافي ما ورد من طرق العامّة و الخاصّة من قوله عليه السلام: «تنام عيني و لا
ينام قلبي»[5]، فقيل:
المعنى: و لا ينام قلبي في الأكثر، و لا ينافي منامه نادرا لمصلحة لما أراد اللَّه
عزّ و جلّ من بيان القضاء، قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: «فصارت اسوة و سنّة»[6]. و قال
رسول اللَّه صلى الله عليه و آله على ما ذكر في كتب العامّة: «و لو شاء اللَّه
لأيقظنا، و لكن أراد اللَّه أن يكون سنّة لمن بعدكم»[7].
و قيل: المعنى لا
يستغرقه النوم حتّى يحدث منه حدث. و قال محيي الدين: و عندي أنّه لا تعارض بينهما،
لأنّه أخبر أنّ عينيه تنامان و هما اللّتان نامتا هنا؛ لأنّ طلوع الفجر إنّما
[2]. شرح المازندراني، ج 5، ص 62. و حديث النهي عن
الصلاة في أرض بابل تجده في: سنن أبي داود، ج 1، ص 118، ح 490؛ و السنن الكبرى
للبيهقي، ج 2، ص 451؛ كنز العمّال، ج 8، ص 193، ح 22512.
[7]. الاستذكار، ج 1، ص 76؛ التمهيد، ج 6، ص 392؛
عمدة القاري، ج 4، ص 28؛ الشفاء، ج 2، ص 154؛ نصب الراية، ج 2، ص 183. و نحوه في
السنن الكبرى للنسائي، ج 5، ص 268، ح 8854.