و منها: روايته الاخرى عن أبي الحسن عليه السلام قال:
سألته عن الحائض ترى الطهر، أيقع عليها زوجها قبل أن تغتسل؟ قال: «لا بأس، و بعد
الغسل أحبّ إليّ».[1] و مثله خبر
عبد اللَّه بن المغيرة، عمّن سمعه من العبد الصالح عليه السلام في المرأة إذا طهرت
من الحيض و لم تمسّ الماء، فلا يقع عليها زوجها حتّى تغتسل و إن فعل فلا بأس به، و
قال: «تمسّ الماء أحبّ إليّ».[2] و دلّ أيضاً
عليه قوله تعالى: «فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ»[3]؛ لأنّ إيجاب
الاعتزال في أيّام الحيض دلّ بحسب المفهوم على عدم اشتراط جواز الوطي بعدها بشيء.
و ربّما استدلّ له بقوله
تعالى: «وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ»[4]، سواء قرئ بالتخفيف أو
بالتضعيف، أمّا على الأوّل؛ فلأنّ الطهر ضدّ الحيض لغةً و شرعاً و عرفاً عامّاً، و
أمّا على الثاني؛ فلأنّ التطهّر و إن كان ظاهراً في الاغتسال، إلّا أنّه قد جاء
بمعنى الطهر أيضاً، و لا بدّ هنا من حمله عليه؛ للجمع بين القراءتين.[5] و لا يبعد
الجمع بين الأدلّة بحمل الثانية على ما إذا كان الزوج شبقاً كما هو ظاهر بعض ما
ذكر من الأخبار،[6] و به قال
ابن نافع[7] من العامّة،[8] و المشهور
عندهم هو القول
[1]. تهذيب الأحكام، ج 1، ص 136، ح 468؛ و ص 167،
ح 481؛ وسائل الشيعة، ج 2، ص 325، ح 2264. و رواه الكليني في الكافي، ج 5، ص 539،
باب مجامعة الحائض، ح 2، إلّا أن فيه:« و يقع» بدل:« أيقع»، و أسقط قوله:« قبل أن
تغتسل».
[2]. تهذيب الأحكام، ج 1، ص 167، ح 480؛ الاستبصار،
ج 1، ص 136، ح 467؛ وسائل الشيعة، ج 27 ص 325، ح 2263.
[6]. الكافي، ج 5، ص 539، من باب مجامعة الحائض
قبل أن تغتسل، ح 1. و انظر: تهذيب الأحكام، ج 1، ص 135، ح 463؛ و ص 166، ح 475 و
477؛ و ج 7، ص 486، ح 1952؛ وسائل الشيعة، ج 2، ص 324، ح 22600.
[7]. عبد اللّه بن نافع الصائغ مولى بني مخزوم،
أبو محمّد، صاحب مالك، تفقّه عنده و روى عنه، توفّي بالمدينة في رمضان سنة 206 أو
207 ه. ق، و قيل: سنة 186 ه. ق. من آثاره تفسير الموطّأ. راجع: سير أعلام النبلاء،
ج 10، ص 371- 374، الرقم 96؛ تهذيب الكمال، ج 16، ص 312، الرقم 3609؛ معجم
المؤلّفين، ج 6، ص 158.