و لمّا بلغ النبيّ صلى الله عليه و آله نعي جعفر أتى امرأته
أسماء بنت عميس فعزّاها فيه، فدخلت فاطمة تبكي و تقول: «وا عمّاه!» فقال رسول
اللَّه صلى الله عليه و آله: «إنّ اللَّه تعالى أبدله من يديه جناحين يطير بهما في
الجنّة، على مثل جعفر فلتبك البواكي.[1]
و أمّا أسماء فهي بنت عميس بن مُعَدّ الخثعمية من خثعم أنمار، و هي اخت ميمونة زوج
النبيّ صلى الله عليه و آله، و اخت لُبابة امّ الفضل زوج العبّاس، و اخت أخواتها و
هنّ تسع، و قيل: عشر.
هاجرت مع زوجها جعفر إلى
الحبشة، فولدت له محمّداً و عبد اللَّه و عوناً، ثمّ هاجرت إلى المدينة، فلمّا
قُتل جعفر رضي اللَّه عنه تزوّجها أبو بكر و ولدت له محمّد بن أبي بكر ثمّ مات
عنها فتزوّجها عليّ، فولدت له يحيى بن عليّ، لا خلاف في ذلك.
و قيل: كانت أسماء تحت
حمزة بن عبد المطّلب، فولدت له ابنة تسمّى أمة اللَّه، و قيل:
أمامة، ثمّ خلف عليها
بعده شداد بن الهادي الليثي، فولدت له عبد اللَّه و عبد الرحمن، ثمّ خلف عليها
بعده جعفر، ثمّ كان الأمر على ما ذكر.[2]
هذا كلام القرطبي.
ثمّ قال طاب ثراه:
جريان السنّة بما ذكر في
الحديث من باب التأسّي و الاقتداء به صلى الله عليه و آله و قد اختلفت الامّة في
حكم الاقتداء به صلى الله عليه و آله فجعله مالك و أكثر أصحابه و بعض الشافعية
واجباً، و قال أكثر الشافعية: ندب، و قال طائفة منهم: هو على الإباحة، و قال حذّاق
من المتكلّمين: إن كان الفعل في محلّ القربة فاتّباعه واجب، و الحقّ التفصيل الّذي
ذكرناه في الاصول.[3]
[1]. إلى هنا نقله المولى محمّد صالح المازندرانى-
والد الشارح- في شرح الكافي، ج 7، ص 190 نقلًا عن إكمال الإكمال للقرطبي، و غالب
الفقرات المذكورة هنا موجود في الاستيعاب، ج 1، ص 242، ترجمة جعفر بن أبي طالب.
[2]. راجع: الاستيعاب، ج 4، ص 1784- 1785، ترجمة
أسماء بنت عميس، و زاد:« و قيل: إنّ الّتي كانت تحت حمزة و شدّاد سلمى بنت عميس لا
أسماء اختها».
[3]. انظر: الامّ للشافعي، ج 1، ص 317؛ مختصر
المزني، ص 309؛ فتح العزيز، ج 5، ص 252؛ المجموع للنووي، ج 5، ص 317- 318؛ روضة
الطالبين، ج 1، ص 665؛ فتح الوهّاب، ج 1، ص 178؛ مغني المحتاج، ج 1، ص 367؛ المغني
لابن قدامة، ج 2، ص 413؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 2، ص 426؛ فتاوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلميّة و الإفتاء، ج 9، ص 142؛ فقه السنّة، ج 1، ص 508.