اصطلح المتقدّمون على
رسم أبواب النوادر في كتبهم، و للندرة عندهم معنيان:
أحدهما عدم وجود الخبر
في الاصول الأربعمائة التي كان اعتمادهم عليها، و هو المساوق للضعيف عندهم.
و ثانيهما- و هو المراد
هنا- ذكر أخبار متفرّقة متعلّقة بالأبواب المتفرّقة السابقة.
قوله في خبر الحسن بن
عليّ الوشّاء: (توجر أنت و اوزَرُ أنا). [ح 1/ 4131]
قال- طاب ثراه-:
دلّ على حرمة الاستعانة
بصبّ الماء على يد المتوضّي، و به قال بعض العامّة؛ لأنّه من الشركة في عمل
الوضوء، و أجازه أكثرهم؛ لأنّه قد وقع ذلك في وضوء رسول اللَّه صلى الله عليه و
آله في رواياتهم[1]، و به
احتجّ البخاري على جواز توضئة الرجل غيره و قال: «لأنّه إذا صحّ أن يكفيه صبّ
الماء صحّ أن يكفيه عمل الوضوء؛ و لأنّه من القربات التي يعملها الرجل عن غيره»[2]، و
لإجماعهم على توضئة المريض و تتميمه بخلاف الصلاة.
و في الكلّ نظر، أمّا
الأوّل؛ فلأنّه قياس مع الفارق؛ لأنّ صبّ الماء يقرب أن يكون من مقدّمات الوضوء
كإحضار الماء و الدلاء و الرشاء و أمثال ذلك. و أمّا الثاني؛ فلأنّه مصادرة؛ لأنّ
كون الوضوء من تلك القربات أوّل البحث. و أمّا الثالث؛ فلأنّ التجويز لضرورة لا
يوجب التجويز بلا ضرورة.
قوله في خبر إبراهيم بن
محمّد بن حمران: (من توضّأ فتمندل كانت له حسنة) إلخ.
[ح 4/ 4134]
احتجّ به الأصحاب على
كراهيّة مسح أعضاء الوضوء و تجفيفها بالمنديل، و أمّا
[1]. صحيح البخاري، ج 2، ص 176 كتاب الحجّ، باب
الوقوف بعرفة؛ صحيح مسلم، ج 4، ص 69- 70؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5، ص 119، كتاب
الحجّ، باب من استحبّ سلوك طريق المأزمين...؛ مسند أبي يعلى، ج 12، ص 89، ح 6722؛
كنز العمّال، ج 5، ص 196، ح 12593.