و كان ذلك صار سبباً لاختلاف الامّة؛ لعدم اطّلاع أكثرهم على
النسخ.
و لا يبعد أن يقال: إنّه
عليه السلام إنّما قال ذلك على سبيل التنزّل، و إلّا فقد ظهر من الأخبار تعيّنه
رأساً.
[قوله] في حسنة زرارة:
(ثلاثة لا أتّقي فيهنّ أحداً). [ح 2/ 3954]
استشكل ذلك لوجوب
التقيّة مطلقاً لا سيّما فيما عدا شرب المسكر.
و اجيب بوجهين: أحدهما
أنّه لا يضطرّ إلى شيء من هذه الثلاثة؛ أمّا شرب المسكر؛ فلأنّ العامّة لا
يوجبونه مطلقاً و إن جوّزه بعضهم في النبيذ[1]،
و كذا مسح الخفّين؛ فإنّهم و إن أوجبوه لكن على التخيير بينه و بين غسل الرجلين،
فحين التقيّة يمكن غسلهما، و أمّا متعة الحجّ؛ فلأنّهم يحجّون قراناً بمعنى جمع
العمرة و الحجّ بنيّة واحدة و إحرام واحد و سياق هدي، و لا فارق بينه و بين حجّ
التمتّع إلّا بتقصير بعد الطواف و السعي و نيّة إحلال و إحرام جديد للحجّ، و
النيّة أمر قلبي لا يُطّلع عليه، و التقصير يمكن إخفاؤه، و في حجّ الإفراد
يستحبّون قدوم مكّة و طوافاً و سعياً له، على أنّهم لا يحرّمون التمتّع بل
يجوّزونه إجماعاً منهم و إن عدّوا القِرانَ أفضل منه.
و ثانيهما: ما فهمه
زرارة و حاصله أنّه عليه السلام إنّما نفى التقيّة فيهنّ عن نفسه، و لم يقل:
«لا تتّقوا فيها»، و
إنّما نفاها عن نفسه؛ لعلمه عليه السلام بأنّه لا يضطرّ إليها و إن وجبت على غيره.
باب الجبائر و القروح
و الجراحات
من كان على بعض أعضاء
طهارته جبيرة من قرح أو جرح أو طلي دواء و نحوها، ففي الغُسل و أعضاء الغَسل من
الوضوء إن أمكن نزعها و غَسل البشرة يتخيّر المتطهّر بين نزعها و تكرير الماء
عليها حتّى يصل إلى البشرة بشرط طهارة المحلّ، و إن تعذّر
[1]. المجموع للنووي، ج 2، ص 564؛ المبسوط
للسرخسي، ج 24، ص 20.