بِالعِبادةِ، ورَجائي لَكَ في الشِّدّةِ.[1]
377-- 53. إنَّ القَلبَ يَحيا وَيَموتُ؛ فَإِذا حَيَّ فَأَدِّبهُ بِالتَّطَوُّعِ، وَإذا ماتَ فَقَصِّرهُ[2] عَلَى الفَرائِضِ.[3]
378-- 54. أنفذ أبو عبدِ اللَّه كاتبُ المَهديّ رَسولًا إلَى الصادقِ بِكتابٍ مِنهُ يَقولُ فيهِ:
وحاجَتي إلى أن تُهدِيَ إِليَّ مِن تَبصيرِكَ على مُداراةِ هَذا السُّلطانِ، وتَدبير أمري كَحاجَتي إلى دُعائك لي.
فَقالَ لِرَسولِهِ: قُل لَهُ: احذَر أن يَعرِفَكَ السُّلطانُ بِالطَّعنِ عَلَيهِ في اختيارِ الكُفاةِ، وإن أخطأ في اختيارِهِم، أو مُصافاةِ مَن يُباعِدُ منهُم وإن قَرُبَتِ الأواصِرُ بَينَكَ وبَينَهُ؛ فإنّ الاولى تُغريهِ بِكَ، والاخرى تُوحِشُه مِنكَ، ولكِن تَتَوَسَّطُ الحالَينِ.
واكتَفِ بِعَيبِ مَن اصطفَوا له، والإمساكِ عَن تَقريظِهمِ عِندَهُ، ومُخالَطةِ مَن اقصوا بِالتنائي[4] عَن تَقريبِهِم، وإذا كِدتَ فَتَأنَّ في مُكايَدَتِكَ.
واعلم أنّ مَن عَنُفَ بِخَيلِهِ[5] كَدَحَت فيهِ بِأكثَرَ مِن كَدِحها في عَدُوِّهِ، ومَن صَحِبَ خَيلَهُ بِالصَّبرِ والرِّفقِ كان قَمِناً[6] أن يَبلُغَ بِها إرادَتَهُ، وتَنفُذَ فيها مكائدُهُ.
واعلَم أنّ لِكُلّ شَيءٍ حَدّاً؛ فَإن جاوَزَهُ كانَ سَرَفاً وإن قَصُرَ عَنهُ كانَ عَجزاً؛ فَلا تَبلُغ بِكَ نَصيحةُ السُّلطانِ إلى أن تُعاديَ لَهُ حاشِيَتَهُ وخاصَّتَهُ؛ فَإنّ ذلِكَ لَيسَ مِن حَقِّهِ عَلَيكَ، ولكِنَّ الأقضى لِحَقِّهِ والأدعى إليكَ لِلسَّلامةِ أن تَستَصِلحَهُم جُهدَكَ؛ فَإنَّكَ إذا فَعلتَ ذلِكَ شَكرتَ نِعمَتَهُ، وأمِنتَ حُجَّتَهُ، وطَلَبَ عدوّك عنده.[7]
[1]. لم نجده في المصادر.
[2]. وفي« أ» فاقصره.
[3]. الدرّة الباهرة: ص 31، ح 80؛ أعلام الدين: ص 304.
[4]. وفي« أ»: بالثّنائي.
[5]. وفي« أ»: بحيلة في كلا الموضعين.
[6]. يقال: قَمِنٌ وقمينٌ: أي خليق وجدير( النهاية: ج 4 ص 111).
[7]. وفي« أ»: عَدُوِّهِ عِندَكَ.