responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دانشنامه عقايد اسلامي نویسنده : محمدی ری‌شهری، محمد    جلد : 4  صفحه : 319

3603.الإمام الصادق عليه السلام ـ لِلمُفَضَّلِ بنِ عُمَرَ ـ: فَكِّر ـ يا مُفَضَّلُ ـ فيما خَلَقَ اللّه ُ عز و جلعِليةَ هذِهِ الجَواهِرِ الأَربَعَةِ لِيَتَّسِعَ ما يُحتاجُ إِلَيهِ مِنها ، فَمِن ذلِكَ سَعَةُ هذِهِ الأَرضِ وَامتِدادُها ، فَلَولا ذلِكَ كَيفَ كانَت تَتَّسِعُ لِمَساكِنِ النّاسِ ومَزارِعِهِم ومَراعيهِم ومَنابِتِ أخشابِهِم وأَحطابِهِم ، وَالعَقاقيرِ العَظيمَةِ ، وَالمَعادِنِ الجَسيمَةِ غِناؤُها ؟ ولَعَلَّ مَن يُنكِرُ هذِهِ الفَلَواتِ الخاوِيَةَ وَالقِفارَ الموحِشَةَ فَيَقولُ : ما المَنفَعَةُ فِيها ؟ فَهِيَ مَأوى هذِهِ الوُحوشِ ومَحالُّها ومَرعاها ، ثُمَّ فيها بَعدُ مُتَنَفَّسٌ ومُضطَرَبٌ لِلنّاسِ إِذَا احتاجوا إِلَى الاِستِبدالِ بِأَوطانِهِم ؛ فَكَم بَيداءَ وكَم فَدفَدٍ [1] حالَت قُصورا وجِنانا بِانتِقالِ النّاسِ إِلَيها وحُلولِهِم فيها ، ولَولا سَعَةُ الأَرضِ وفُسحَتُها لَكانَ النّاسُ كَمَن هُوَ في حِصارٍ ضَيِّقٍ لا يَجِدُ مَندوحَةً عَن وَطَنِهِ إِذا حَزَبَهُ أَمرٌ يَضطَرُّهُ إِلَى الاِنتِقالِ عَنهُ . ثُمَّ فَكِّر في خَلقِ هذِهِ الأَرضِ ـ عَلى ما هِيَ عَلَيهِ ـ حينَ خُلِقَت راتِبَةً راكِنَةً ، فَتَكونَ مَوطِنا مُستَقَرّا لِلأَشياءِ ، فَيَتَمَكَّنُ النّاسُ مِنَ السَّعىِ عَلَيها في مَاربِهِم ، وَالجُلوسِ عَلَيها لِراحَتِهِم ، وَالنَّومِ لِهَدئِهِم ، وَالإِتقانِ لِأَعمالِهِم ؛ فَإِنَّها لَو كانَت رَجراجَةً مُتَكَفِّئَةً لَم يَكونوا يَستَطيعونَ أن يُتقِنُوا البِناءَ وَالتِّجارَةَ وَالصِّناعَةَ وما أَشبَه ذلِكَ ، بَل كانوا لا يَتَهَنَّؤونَ بِالعَيشِ وَالأَرضُ تَرتَجُّ مِن تَحتِهِم . وَاعتَبِر ذلِكَ بِما يُصيبُ النّاسَ حينَ الزَّلازِلِ عَلى قِلَّةِ مَكثِها حَتّى يَصيروا إِلى تَركِ مَنازِلِهِم وَالهَرَبِ عَنها . . . ثُمَّ إِنَّ الأَرضَ في طِباعِها الَّذي طَبَعَهَا اللّه ُ عَلَيهِ بَارِدَةٌ يابِسَةٌ وكَذلِكَ الحِجارَةُ ، وإِنَّمَا الفَرقُ بَينَها وبَينَ الحِجارَةِ فَضلُ يُبسٍ فِي الحِجارَةِ ، أفَرَأَيتَ لَو أنَّ اليُبسَ أَفرَطَ عَلَى الأَرضِ قَليلاً حَتّى تَكونَ حَجَرا صَلدا أكانَت تُنبِتُ هذَا النَّباتَ الّذي بِهِ حَياةُ الحَيَوانِ ؟ وكانَ يُمكِنُ بِها حَرثٌ أو بِناءٌ ؟ أفَلا تَرى كَيفَ تَنصب [2] مِن يُبسِ الحِجارَةِ وجُعِلَت عَلى ما هِيَ عَلَيهِ مِنَ اللّينِ وَالرَّخاوَةِ ولِتُهَيَّأَ لِلاِعتِمادِ ؟ ومِن تَدبيرِ الحَكيمِ ـ جَلَّ وعَلا ـ في خِلقَةِ الأَرضِ أنَّ مَهَبَّ الشِّمالِ أَرفَعُ مِن مَهَبِّ الجَنوبِ ، فَلِمَ جَعَلَ اللّه ُ عز و جل كَذلِكَ إِلاّ لِيَنحَدِرَ المِياهُ عَلى وَجهِ الأَرضِ فَتَسقِيَها وتُروِيَها ؟ ثُمَّ تَفيضَ آخِرَ ذلِكَ إِلَى البَحرِ ، فَكَأَنّما يَرفَعُ أَحَدَ جانِبَيِ السَّطحِ ويَخفَضُ الآخَرَ لِيَنحَدِرَ الماءُ عَنهُ ولا يَقومَ عَلَيهِ ، كَذلِكَ جَعَلَ مَهَبَّ الشِّمالِ أَرفَعَ مِن مَهَبِّ الجَنوبِ لِهذِهِ العِلَّةِ بِعَينِها ، ولَولا ذلِكَ لَبَقِيَ الماءُ مُتَحَيِّرا عَلى وَجهِ الأَرضِ ، فَكانَ يَمنَعُ النَّاسَ مِن إِعمالِها ، ويَقطَعُ الطُّرُقَ وَالمَسالِكَ . [3]


[1] الفَدفَد : الفلاة التي لا شيء بها وقيل : هي الأرض الغليظة ذات الحصى . وقيل: المكان الصلب (لسان العرب : ج 3 ص 675) .

[2] في نسخة : «نقصت» (هامش المصدر) .

[3] بحار الأنوار : ج 3 ص 121 عن المفضّل بن عمر في الخبر المشتهر بتوحيد المفضّل .

نام کتاب : دانشنامه عقايد اسلامي نویسنده : محمدی ری‌شهری، محمد    جلد : 4  صفحه : 319
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست